الجمعة 1447/02/28هـ (22-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الأردن » مرئي » المعالم التاريخية » مسجد الشريف الحسين بن علي.. معلم إسلامي بارز في قلب العقبة

مسجد الشريف الحسين بن علي.. معلم إسلامي بارز في قلب العقبة

مسجد الشريف الحسين بن علي.. معلم إسلامي بارز في قلب العقبة

يشكّل مسجد الشريف الحسين بن علي في مدينة العقبة نموذجاً معمارياً متفرداً يعكس عناصر العمارة الإسلامية بوضوح وخصوصية، حيث يجمع بين الرمزية التاريخية والجمالية الفنية والتخطيط الحضري الحديث، ويُعد أحد أبرز المعالم الدينية في جنوب الأردن، ليس فقط لمكانته الروحية، بل لما يقدمه من نموذج فني يجسد تطور فنون البناء الإسلامي في المنطقة.

تصميم متكامل

تأسس المسجد في عام 1979 في عهد الملك الحسين بن طلال، تخليداً لذكرى الشريف الحسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى، وجاء تصميمه ليُراعي متطلبات العمارة الإسلامية التقليدية، وخصوصاً ما يناسب طبيعة مناخ المدينة، حيث اعتمد البناء المكشوف ذو الأروقة، مع توجيه قبلة الصلاة لتضمن صفاً أول ممتداً وواسعاً، كما تظهر ملامح العمارة المملوكية بوضوح في الأقواس والنقوش والزخارف الداخلية والخارجية، التي تمنح المبنى طابعاً فريداً من التوازن بين التراث والتقنية الحديثة.

وفي السابع من أكتوبر عام 2011، افتتح الملك عبد الله الثاني التوسعة الجديدة للمسجد، التي شملت إعادة التأهيل الكامل بما يحافظ على طابعه المعماري الأصيل ويضيف إليه جوانب جمالية معاصرة، دون المساس بالأسس التراثية التي يقوم عليها البناء.

زخارف متطورة

تبلغ المساحة الكلية للمسجد حوالي 3100 متر مربع، بينما تتسع المساحات المحيطة به مثل الساحات والممرات والحدائق لنحو 5500 متر مربع إضافية، وتُعد قبة المسجد من أبرز معالمه، فهي أول قبة مزخرفة بتقنية ثلاثية الأبعاد في المملكة، حيث زُينت باستخدام ألواح من الخرسانة البيضاء المدعمة بالألياف، وقد تم اللجوء إلى هذه التقنية الحديثة كبديل للنحت التقليدي على الحجر، ما منح القبة مظهراً فريداً وجمالاً لافتاً، وخاصة عند تفاعل الضوء والظل مع التفاصيل الدقيقة للزخارف.

ويبلغ ارتفاع المئذنة 40 متراً، وتقع في إحدى الزوايا الرئيسية للمسجد، وقد نُقشت عليها آيات قرآنية بالخط الثلث وبراويز زخرفية، بينما أضيفت نقوش دقيقة من المقرنصات والأعمدة النحيلة التي تظهر في تشكيل فني محكم يجعل منها نقطة جذب بصرية بارزة من جميع الاتجاهات.

مساحة روحية

أما من الداخل، فيحتوي المسجد على مجموعة من التفاصيل المستوحاة من الفنون الإسلامية التقليدية، مثل الشبابيك الخشبية المزينة، والزجاج الملون، والقمريات التي تنعكس من خلالها أشعة الشمس على جدران المسجد نهاراً، بينما تنير ليلاً بثريّات نحاسية مذهبة مصممة على طراز المسجد النبوي الشريف.

القبة الوسطى من الداخل خضعت لمعالجة زخرفية دقيقة، حيث تم تصميمها لتحاكي السماء المفتوحة، وزُينت بآيات قرآنية وأسماء الله الحسنى بخط الثلث، بينما وُزعت الإنارة لتُعزز الإحساس بالاتساع والروحانية.

ويوفر المسجد أيضاً قاعات مخصصة لتعليم القرآن الكريم والعلوم الإسلامية للرجال والنساء، ما يجعله ليس فقط مكاناً للصلاة بل مركزاً دينياً وثقافياً متكاملاً، ويستفيد منه أبناء المدينة وزوارها في التعليم والتثقيف الديني، كما أن موقعه الحيوي المطل على شارع الكورنيش في وسط العقبة جعله أحد أبرز المرافق العامة التي تمزج بين الروح والبيئة والخدمة المجتمعية.

المصدر: التراث الملكي الأردني

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار