تُعدّ كركوان مدينة أثرية فريدة من نوعها، تقع في شمال شرق تونس، وتعود إلى الفترة البونيقية، أو القرطاجية، وهي ليست مجرد مدينة قديمة، بل هي كنز أثري، وشاهد على حضارة عريقة، سكنت المنطقة، وتركت بصماتها على وجه الأرض، فقد تأسست على يد الفينيقيين، وأصبحت فيما بعد من أهم المراكز التابعة لقرطاج، في مزيج فريد، يُعبّر عن غنى التاريخ، وتنوعه، في هذه المنطقة.
تتميز المدينة بتصميمها المعماري الفريد، وشوارعها المتناسقة، ومبانيها السكنية، ومرافقها العامة، التي تُظهر براعة المهندسين، والفنانين، القدماء، في استخدام الحجارة، وبناء منشآت قوية، ومتينة، قادرة على الصمود أمام عوامل الزمن، والظروف البيئية، فكل زاوية في المدينة، تروي قصة عن الجهد، والإبداع، الذي بذله الإنسان القديم في بناء حضارته.
تُعدّ مقبرة كركوان جزءًا لا يتجزأ من الموقع، حيث تضمّ مجموعة من المقابر الصخرية، التي تُظهر تفاصيل الحياة اليومية لسكان المدينة، في تلك الحقبة، فالبقايا الفخارية، والمجوهرات، والأدوات المنزلية، تُساعد الباحثين في فهم العادات، والتقاليد، التي كانت سائدة في تلك الفترة، وتُعطي نظرةً ثاقبةً على الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، للمدينة، ودورها في التجارة العالمية.
هُجرت المدينة خلال فترة الحروب البونيقية الأولى في العام 250 قبل الميلاد، ولكنها بقيت محفوظةً بشكل جيد، مما يجعلها مصدرًا ثمينًا لدراسة تاريخ الحضارة القرطاجية، وتطورها، وهذا يُؤكد على أن المدينة هي متحف مفتوح، يُلهم الباحثين، والمؤرخين، والمهتمين بالآثار، ويُعطيهم نظرةً ثاقبةً على تاريخ البشرية.
بفضل أهميتها التاريخية، والأثرية، تمّ تسجيل مدينة كركوان البونيقية ومقبرتها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1988، وهذا الاعتراف الدولي يُؤكد على القيمة الاستثنائية للموقع، وضرورة الحفاظ عليه، وصيانته، ليبقى للأجيال القادمة، وهذا يُعزّز مكانة تونس كدولة غنية بالتراث، والتاريخ، ويُبرز دورها في الحضارة الإنسانية.
المصدر: ويكيبيديا
