تنتصب مدينة لمطة الساحلية في ولاية المنستير التونسية، وتُعد بلدة عريقة يبلغ عدد سكانها حوالي 5400 نسمة، وتمتد بلديتها على مساحة 193 هكتاراً،وقد اكتسبت لمطة أهميتها التاريخية من جذورها العميقة التي تمتد إلى العهود القديمة.
عُرفت لمطة قديماً في العهد الروماني باسم لبتيس مينور (Leptis Minor)، وهو اسم ذو أصل فينيقي، وكان يُطلق عليها أيضاً اسم لبدة الصغرى لتمييزها عن لبدة الكبرى الواقعة في ليبيا،وقد سكن البلدة اللوبيون الأصليون، ثم تلاهم الفينيقيون، قبل أن تصبح المنطقة خاضعة لسيطرة قرطاج.
شهدت المنطقة القريبة من البلدة واحدة من أبرز المعارك التاريخية، وهي معركة حرب المرتزقة التي وقعت سنة 237 قبل الميلاد، ودارت رحاها بين القرطاجيين والمرتزقة المتمردين، مما يؤكد أهمية موقعها الاستراتيجي في ذلك الزمن،وقد تميزت ضواحي المدينة بوجود آثار لبدة الصغرى الأثرية.
وُلدت المدينة الإسلامية الحالية في عهد دولة الأغالبة، التي أسست فيها مركزاً حضرياً ودفاعياً مهماً في القرن التاسع الميلادي،وقد بنى الأغالبة في المدينة قصراً حصيناً في عام 859م، وأطلقوا عليه اسم قصر الرباط، ليكون بمثابة قلعة للمراقبة والدفاع.

يُمثل قصر الرباط الأغلبي معلماً تاريخياً بارزاً، يؤكد على الأهمية العسكرية والدينية لمدينة لمطة في تلك الفترة من التاريخ الإسلامي المبكر في شمال إفريقيا،وتُعد هذه البنية الدفاعية جزءاً من منظومة تحصينات أغلبت على السواحل التونسية.
تشهد لمطة على نشاط ثقافي واجتماعي مستمر، حيث ينتظم فيها سنوياً مهرجان البسيسة منذ عام 2000م، وتشرف عليه جمعية صيانة مدينة لمطة،ويُقام خلال هذا المهرجان مسابقة سنوية لاختيار أفضل بسيسة، وهو ما يبرز تمسك أهل المنطقة بعاداتهم وتقاليدهم الغذائية.
يُعد هذا المهرجان إشعاعاً ثقافياً مميزاً للمدينة، ويُسهم في التعريف بلمطة وتراثها غير المادي، بالإضافة إلى معالمها الأثرية المادية،ويُظهر ذلك جهود المجتمع المحلي في الحفاظ على هويته الأصيلة والترويج لها.
يُضاف إلى النشاط الثقافي اهتمام رياضي، حيث ينشط في المدينة نادٍ رياضي يحمل اسم شبيبة لمطة، وهو ما يعكس الحيوية والدينامية الاجتماعية لسكانها،وتستمر لمطة في تقديم مثال للبلدة الساحلية التي تجمع بين عمق التاريخ وحيوية الحاضر.
المصدر: ويكيبيديا