الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » الآثار » قلعة فيليكس الأثرية في منجز شاهد تاريخي على الصراعات الصليبية

قلعة فيليكس الأثرية في منجز شاهد تاريخي على الصراعات الصليبية

 

تُعد قلعة فيليكس الأثرية في قرية منجز بمحافظة عكار في شمال لبنان من أبرز الشواهد التاريخية التي تعكس الصراعات العسكرية والسياسية في المنطقة خلال العصور الوسطى، فقد بُنيت القلعة على يد الصليبيين في عام 1128 م بهدف تأمين طرق التجارة والممرات الاستراتيجية.

وتعتبر القلعة مثالاً على التحصينات العسكرية التي أنشأها الصليبيون في لبنان وسوريا خلال تلك الفترة، ومن ثم تعرضت للقصف والهدم على يد المماليك في عام 1238 م، ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منها مع بقاء بعض الجدران والأبراج التي لا تزال شاهدة على تاريخها العريق.

وتشير الدراسات التاريخية إلى أن القلعة كانت تتمتع بموقع استراتيجي يسمح بمراقبة المحيط الجغرافي والسيطرة على التحركات العسكرية في المنطقة، كما أن التصميم المعماري للقلعة يعكس خبرة الصليبيين في بناء التحصينات الدفاعية، بما في ذلك استخدام الأبراج العالية والجدران السميكة والخنادق المحيطة، وقد شكل هذا الموقع مركزاً هاماً للسيطرة على الطرق التجارية بين الساحل اللبناني والمناطق الداخلية، مما أعطاها أهمية اقتصادية وعسكرية كبيرة في ذلك الوقت.

IMLebanon | إتمام الحفر والتنقيب في قلعة فيليكس الأثرية في منجز-عكار

ويعتبر الموقع اليوم جزءاً من المشهد الثقافي والطبيعي لقرية منجز، حيث يضم عناصر أثرية أخرى تعكس التداخل بين التراث الطبيعي والتاريخي في المنطقة، وقد ساهمت هذه الخصائص في ترشيح القلعة ضمن العناصر المدرجة في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت بند “المعالم التاريخية والمواقع الطبيعية لقرية منجز”، وهو ما يعكس القيمة العالمية للقلعة وأهمية حمايتها وصونها باعتبارها شاهداً على فترة تاريخية مهمة.

ويشهد الموقع اليوم نشاطات بحثية وأثرية تهدف إلى دراسة بقايا القلعة وفهم طبيعة البناء والتحصينات المستخدمة، حيث يقدم الباحثون تفسيرات حول أساليب الدفاع والهجوم في العصور الوسطى، كما يتم التركيز على دور القلعة في تعزيز فهم التوازن العسكري والسياسي بين الصليبيين والمماليك، إضافة إلى دورها في التاريخ المحلي لأهالي المنطقة، حيث شكلت القلعة جزءاً من الهوية التراثية لقرية منجز والمناطق المحيطة بها.

كما تعتبر القلعة مصدراً لجذب السياحة الثقافية في شمال لبنان، إذ يمكن للزوار التعرف على تاريخ الصراعات الصليبية والمماليك، ومشاهدة المعالم المعمارية المتبقية، وهو ما يدفع السلطات المحلية والجهات المعنية بالتراث إلى التفكير في تطوير برامج حماية وتأهيل الموقع لضمان استمرار الاستفادة التعليمية والثقافية منه، وحفظه للأجيال القادمة كجزء من التراث اللبناني العريق.

ويعكس الاهتمام العالمي بقلعة فيليكس الحاجة إلى تكثيف جهود الحفاظ على التراث التاريخي في لبنان، خاصة في المناطق التي تعرضت للصراعات أو عوامل التآكل الطبيعي، مما يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لحماية هذه الشواهد التاريخية وضمان استمرارها كمصدر للمعرفة ومعلماً سياحياً يربط الحاضر بالماضي ويبرز غنى التراث الإنساني في المنطقة.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار