الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » المعالم التاريخية » قلعة المعز تحكي تاريخ صيدا وتستعيد حضورها السياحي والثقافي

قلعة المعز تحكي تاريخ صيدا وتستعيد حضورها السياحي والثقافي

 

تقف قلعة المعز كأحد أبرز المعالم التاريخية في مدينة صيدا، حيث شيدت في القرن العاشر الميلادي بأمر من الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، لتشكل حصناً دفاعياً يطل على المدينة، ثم أعاد الصليبيون بناءها عام 1254 ميلادي بعد أن تضررت بفعل النزاعات، وفي القرن السابع عشر أعاد الأمير فخر الدين المعني الثاني ترميمها من جديد بعد أن تعرضت لأضرار كبيرة خلال العهد المملوكي، لتبقى شاهدة على تعاقب الحضارات التي مرت على لبنان.

تعددت أسماء القلعة عبر التاريخ، فعرفت باسم القلعة البرية، كما سميت بقلعة القديس لويس نسبة إلى الملك لويس التاسع الذي أقام فيها وأعاد بناءها خلال فترة الحروب الصليبية، بينما ظل اسمها الأشهر قلعة المعز مرتبطاً بالخليفة الفاطمي الذي أمر بتحصينها، وهو ما يعكس طبيعة التنوع الحضاري الذي مر عليها عبر العصور.

قلعة المعز | Archiqoo

تميزت القلعة بموقعها المرتفع الذي جعلها نقطة دفاعية أساسية في حماية صيدا من الهجمات، حيث استخدمت في القرون الوسطى كقاعدة عسكرية متقدمة لمراقبة السواحل والدفاع عن الميناء، كما احتضنت إضافات معمارية إسلامية في مراحل لاحقة مثل برج الزائر الذي أضيف في القرن الرابع عشر الميلادي، ما جعلها مركزاً عسكرياً وثقافياً في آن واحد.

شكلت القلعة جزءاً من النسيج التاريخي للمدينة، وأدرجت ضمن المواقع اللبنانية التي تقع على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت مسمى المركز التاريخي لمدينة صيدا، وهو ما يؤكد أهميتها التراثية ويدعم الجهود الرامية إلى صونها وحمايتها، خاصة أنها تحولت إلى شاهد معماري يروي قصص حضارات متعددة من الفاطميين إلى المماليك والصليبيين.

شهدت القلعة في السنوات الأخيرة مشروع ترميم واسع النطاق انتهى بافتتاحها أمام الزوار عام 2021، حيث أعيد تأهيل غرفها وأروقتها وسراديبها بما يسمح باستقبال السياح والمهتمين بالتاريخ، لتصبح معلمًا سياحيًا بارزًا في صيدا، وتمنح الزوار فرصة للتعرف على الطرز المعمارية المختلفة التي تداخلت في بنائها على مدى قرون.

تجذب القلعة اليوم أعداداً متزايدة من السياح الذين يقصدونها لاكتشاف تاريخها واستكشاف تفاصيلها الأثرية، كما تمثل جزءاً من المشهد الثقافي والتراثي للمدينة، إذ تحتفظ بذاكرة معمارية غنية تعكس صراع القوى القديمة على الساحل اللبناني، وتبقى رمزاً للصمود والتجدد في وجه التحولات السياسية والعسكرية.

تظل قلعة المعز علامة فارقة في تاريخ صيدا، فهي ليست مجرد حصن دفاعي بل معلم تاريخي يختزن في جدرانه طبقات من ذاكرة المكان، وتبقى حاضرة كرمز للهوية الوطنية اللبنانية وكنز تراثي يعكس عراقة المدينة ويجذب أنظار الباحثين والزوار على حد سواء.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار