يُعد حصن الفهيدي، الذي تحول حالياً إلى متحف دبي، أقدم مبنى تاريخي قائم في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد شُيّد هذا الصرح الأثري البارز في أواخر القرن الثامن عشر، وتحديداً في العام 1787م أو 1799م، ليكون خط الدفاع الأول وحماية المدينة من أي تهديدات محتملة. ويقع الحصن في منطقة بر دبي التاريخية، بالقرب من خور دبي الحيوي ومنطقة ديوان الحاكم.
بُني الحصن في الأصل ليكون قلعة دفاعية محصنة، لعبت دوراً حيوياً في حفظ أمن المدينة، ثم اختلف استخدامه على مر السنين ليشمل وظائف متعددة. فاستُخدم لاحقاً مقراً للحاكم ومركزاً للدفاع عن المنطقة، كما تم استغلاله كمخزن للذخائر والسلاح، وتحول في بعض الفترات إلى سجن.
شهد الحصن عملية ترميم شاملة ومهمة في عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، بهدف الحفاظ على هذا الإرث التاريخي الثمين. وافتُتح رسمياً في 12 مايو 1971م، ليصبح متحف دبي، الذي يسعى للحفاظ على تاريخ وتراث الإمارة الغني، وعرض أنماط الحياة التقليدية لسكانها.
يأخذ المتحف زواره في رحلة عميقة ومثيرة عبر الزمن، مقدماً مجموعة متنوعة وغنية من المعروضات التي تصور الحياة القديمة في دبي بكل تفاصيلها. وتُعرض نماذج تجسد الحياة اليومية التقليدية، بما في ذلك السوق القديم، وشكل المسجد والمسكن التقليدي، مدعومة بمؤثرات صوتية وبصرية تضيف واقعية للتجربة.
يعرض المتحف أقساماً خاصة مكرسة للحرف الشعبية والمهن القديمة، حيث يمكن للزوار التعرف على أدوات ونماذج لحرفتي الصفارين والحدادين، بالإضافة إلى فن صناعة السفن، الذي كان ركيزة اقتصادية مهمة. وتُخصص صالات أخرى للأنشطة البحرية التي كانت جزءاً لا يتجزأ من حياة أهل دبي، وتوضح طرق بناء السفن، وأساليب صيد الأسماك، والغوص على اللؤلؤ وأدواته التقليدية.
يضم المعرض أيضاً مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية التي استُخدمت قديماً، إلى جانب ألبسة الحرب التي كانت سائدة في تلك الحقبة، مما يعطي صورة واضحة عن الجانب الدفاعي والحربي للإمارة. وتُعرض كذلك مكتشفات أثرية هامة تم العثور عليها في مواقع مختلفة ضمن الإمارة، وتعود هذه الآثار إلى عصور ما قبل التاريخ، مسلطة الضوء على عمق تاريخ دبي الحضاري.
يُشكل حصن الفهيدي اليوم وجهة ثقافية وسياحية رئيسية، تتيح للزوار، من داخل الإمارات وخارجها، فرصة نادرة لاستكشاف تاريخ دبي الغني، وكيف تطورت من ميناء تجاري صغير إلى مدينة عالمية حديثة.
