الأثنين 1447/02/10هـ (04-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » ليبيا » مرئي » المعالم التاريخية » قصر ليبيا تعيد إحياء ملامح الحضارة البيزنطية والرومانية

قصر ليبيا تعيد إحياء ملامح الحضارة البيزنطية والرومانية

 

بدأت قصر ليبيا، البلدة الواقعة شمال شرق ليبيا، في استعادة مكانتها كموقع تاريخي بامتياز، بعد سنوات من التجاهل، حيث تقع البلدة الصغيرة على بعد نحو 66 كيلومتراً شمال غرب مدينة البيضاء، وتندرج ضمن منطقة الجبل الأخضر التابعة لإقليم برقة، وتمتاز بموقعها الاستراتيجي عند تقاطع طريق مرج – البيضاء من جهة، وطريق قصر ليبيا – مروة من الجهة الجنوبية، ما جعلها نقطة عبور مهمة في فترات تاريخية متعاقبة.

يتحدث التاريخ في قصر ليبيا من خلال أطلالها الرومانية والبيزنطية التي ظلت صامدة رغم الزمن، فقد عُرفت البلدة في العصور القديمة باسم “أولبيا” و”ثيودورياس”، وهي أسماء تعكس فترات حكم متعددة وإرثاً حضارياً متنوعاً، وتشير التقديرات إلى أن البلدة كانت مأهولة منذ العهد الروماني، ثم استمرت كمركز بيزنطي حتى بدايات القرن السابع الميلادي.

وقد جرت عمليات تنقيب أثرية منظمة في خمسينيات القرن العشرين كشفت عن شبكة من المباني التاريخية والفسيفساء النادرة التي كانت مطمورة تحت الرمال، مما ساهم في توثيق طبيعة الحياة الاجتماعية والدينية والفنية في تلك الحقبة.

يقرأ الزائر معالم هذا الإرث من خلال متحف البلدة الذي يضم نحو خمسين لوحة فسيفسائية بيزنطية تعرض صوراً رمزية لمعتقدات مسيحية وشخصيات تاريخية وأساليب معمارية دقيقة، وتعتبر هذه الفسيفساء من أندر ما جرى اكتشافه في شمال إفريقيا، حيث تظهر تقنيات الرسم الدقيقة بأحجار صغيرة متعددة الألوان والتي رُصفت بأسلوب فني يبرز براعة الحرفيين الذين أنجزوها في تلك الفترة، ويجري حالياً العمل على توسيع مساحة العرض داخل المتحف ليشمل قطعاً أخرى جرى اكتشافها في السنوات الماضية وتخضع للترميم.

يحرر الموقع الجغرافي المميز لقصر ليبيا البلدة من العزلة، ويمنحها فرصة استقطاب السياح والباحثين، حيث تقع عند ملتقى طرق رئيسية، مما يسهل الوصول إليها من مناطق مجاورة كمدينة المرج والبيضاء ومروة، وهذا يشكل عاملاً داعماً في تحفيز النشاط السياحي والثقافي، خاصة في ظل استقرار نسبي تشهده المنطقة الشرقية، وقد بدأت الجهات المحلية تتعاون مع دوائر السياحة والآثار لتأمين الموقع وإنشاء لوحات إرشادية ومسارات مخصصة للزوار.

عرض التاريخ في قصر ليبيا لم يكن محصوراً في المتحف، بل امتد إلى مشاريع ترميم المواقع المكشوفة، وبدأت فرق متخصصة بالعمل على ترميم أرضيات المباني القديمة وإنشاء مظلات لحمايتها من العوامل الجوية، كما يجري إعداد خرائط ثلاثية الأبعاد لمساعدة الزوار والباحثين على تتبع التطور الزمني للبلدة من العصر الروماني إلى البيزنطي، وتؤكد هذه الجهود سعي الدولة الليبية إلى إدراج البلدة ضمن قائمة التراث العالمي مستقبلاً.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار