أسس البشر أولى مستوطناتهم في شرق المتوسط قبل نحو عشرة آلاف عام، وتحولوا من حياة الصيد والتنقل إلى الاستقرار والزراعة، وأصبح التدجين مصدر القوت الرئيسي، وظهرت قرى ثابتة مثل عين غزال التي شكلت نموذجًا للتنظيم الاجتماعي والزراعي المبكر.
يقع موقع عين غزال في شرق عمان، بين مناطق جبلية وبدوية، وقد لعب موقعه دورًا محوريًا في تواصل سكان المنطقة وتبادل المعارف والخبرات، واستفاد سكانه من وفرة المياه والغزلان، وأدى هذا إلى استقرار مستمر استمر لنحو ثلاثة آلاف عام، كما بلغت مساحته حوالي 150 دونمًا في الفترة بين 7500 و7000 قبل الميلاد، ويقدر عدد سكانه آنذاك بما يقارب 2500 إلى 3000 نسمة.
اكتشف المنقبون في عين غزال مساكن وأبنية دينية، ودلّت العمارة على مستوى عالٍ من التنظيم والتخطيط، كما وجدت تماثيل وآثار تعكس الممارسات العقائدية مثل الجماجم المجصصة والأقنعة والدمى البشرية والحيوانية، وعُرضت مجموعات من التماثيل الجصية للترميم في لندن ونيويورك قبل أن تُعاد إلى الأردن، وهو ما يعكس أهمية الموقع على الصعيد الثقافي والفكري.

استخدم سكان عين غزال أواني منزلية مصنوعة من الحجارة الطباشيرية قبل اعتماد الفخار حوالي عام 6500 قبل الميلاد، وصنعوا أدوات حجرية مثل مدقات ومهارس لطحن الحبوب، إضافة إلى رؤوس السهام والفؤوس والمثاقب لممارسة الصيد والزراعة، وأدى الجمع بين هذه الأنشطة إلى نشوء مجتمع متكامل يعتمد على التنوع الغذائي والزراعي والصناعي في الوقت نفسه.
طور سكان القرية الزراعة كعنصر أساسي في حياتهم، واعتمدوا على الصيد لضمان التغذية، واستمرت أدوات الصوان في لعب دور محوري في نشاطاتهم اليومية، فيما دلّت المكتشفات على تقدم عقلي وفكري منذ العصور المبكرة، وأظهرت قرية عين غزال قدرة المجتمعات البشرية على تنظيم حياتها في بيئات متنوعة وتحقيق الاستقرار على مدى قرون طويلة.
المصدر: ويكيبيديا