السبت 1447/02/22هـ (16-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مرئي » المعالم التاريخية » شبام الطينية واحدة من أقدم المدن ذات الطابع العمودي على مستوى العالم

شبام الطينية واحدة من أقدم المدن ذات الطابع العمودي على مستوى العالم

تشهد مدينة شبام التاريخية بمحافظة حضرموت في اليمن تحديات كبيرة تهدد بقاءها، رغم ما تمثله من نموذج معماري فريد جعلها تُدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث تُعرف بأنها واحدة من أقدم المدن ذات الطابع العمودي على مستوى العالم، بفضل مبانيها الطينية الشاهقة التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة طوابق، في مشهد عمراني لا يزال يثير الدهشة.

تحاكي مباني المدينة مفهوماً مبكراً للبناء العمودي الذي يسمح باستغلال المساحة داخل الأسوار، وهو ما يمنح المدينة طابعاً عمرانياً متماسكاً يتمثل في تشابك الجدران وتقارب الأزقة وارتفاع المنازل التي تعكس مهارات هندسية تقليدية، ويعد هذا التصميم دليلاً على وعي سكانها بقضايا الأمن والتوسع السكاني قبل قرون، مما جعلها تلقب بـ “مانهاتن الصحراء” في الأدبيات المعمارية الحديثة.

شبام - ويكيبيديا

تميزت المدينة منذ تأسيسها بطابع خاص في البناء باستخدام الطوب اللبن، حيث جرى توارث تقنيات البناء جيلاً بعد جيل، ويعود الفضل في بقائها حتى اليوم إلى الحرفيين المحليين الذين تمكنوا من الحفاظ على تفاصيل العمارة الأصلية رغم الظروف القاسية، كما تنتشر في المدينة عشرات الحرف اليدوية والأسواق القديمة التي تعكس نمط الحياة التقليدي لأهل شبام.

تمثل المساجد القديمة في المدينة معلماً دينياً وتاريخياً هاماً، حيث يوجد بها جامع هارون الرشيد الذي يضم منبراً يُعد من أقدم المنابر الخشبية في العالم الإسلامي، كما تحيط بالمدينة أسوار دفاعية حجرية تعود إلى القرن السادس عشر، وقد ساعدت هذه الأسوار على حماية المدينة من التهديدات الخارجية لعقود طويلة.

تعرضت المدينة في السنوات الأخيرة إلى أضرار كبيرة بسبب الفيضانات التي جرفت أجزاء من بنيتها الطينية، كما أدى اندلاع الحرب في اليمن إلى تعطل أعمال الترميم وتوقف الدعم اللوجستي، وتسبب الإهمال في تهالك بعض المباني وانهيار أجزاء منها، بينما فاقمت التغيرات المناخية مشكلة التآكل بسبب زيادة معدلات الرطوبة وغياب التهوية المناسبة داخل المنازل القديمة.

مركز التراث العالمي -

تبذل بعض الجهات المحلية والدولية جهوداً متواصلة لصيانة ما تبقى من المباني من خلال مشاريع ترميم محدودة تعتمد على خبرات محلية، كما تنظم ورش عمل ودورات تدريبية لتعليم الحرفيين الشباب تقنيات البناء التقليدي، وهناك مبادرات للتوعية المجتمعية بأهمية التراث ودور السكان في الحفاظ عليه، إلا أن حجم التهديدات لا يزال يتجاوز إمكانيات الحماية.

تتطلب شبام اليوم تدخلاً دولياً أكثر فاعلية لحمايتها من التدهور المستمر، حيث أصبحت واحدة من أبرز النماذج المهددة بالاختفاء نتيجة صراعات البشر وعوامل الطبيعة، ما يضع العالم أمام مسؤولية ثقافية للحفاظ على هذا التراث الإنساني الفريد الذي يصارع للبقاء وسط رمال الصحراء ومخلفات النزاع.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار