تتجلى قرية سنخار كمعلم أثري بارز شمال غرب مدينة حلب، وتعود أصولها إلى الحقبة الممتدة بين القرنين الثاني والسابع الميلادي، وتشكل جزءاً من التاريخ البيزنطي العريق، وتروي عبر شواهدها المتبقية قصص حضارة مميزة.
تسجلت القرية في عام 2011 على قائمة التراث العالمي لليونسكو ضمن القرى القديمة في شمال سورية المعروفة باسم المدن المنسية، وتحمل أهمية ثقافية وإنسانية كبيرة، إذ تعكس طبيعة الحياة التي ازدهرت في تلك المرحلة، وتبقى شاهدة على التفاعل الحضاري في المنطقة.
تضم سنخار كنيسة بيزنطية تعد من أقدم الكنائس في سورية، ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، وتتميز بتصميمها الفريد الذي يعكس الروح الدينية والفنية في تلك الفترة، ما جعلها من أبرز المعالم التي يقصدها الباحثون والزوار.
وتحتوي القرية أيضاً على بقايا منازل حجرية قديمة ما زالت قائمة حتى اليوم، وهي تكشف عن أسلوب الحياة اليومية للسكان القدامى، وتوضح تفاصيل العادات والتقاليد التي كانت سائدة، مما يمنح المكان قيمة أثرية ومعرفية متجددة.
وتبرز العمارة في سنخار بما تحمله من أعمدة وأقواس محفورة بدقة عالية، وتشهد على مهارة الحرفيين البيزنطيين، كما يظهر فيها مزيج من التأثيرات المحلية والخارجية، مما يعكس انفتاحاً ثقافياً استثنائياً في تلك العصور.
وتواجه القرية تحديات تتعلق بالحفاظ على تراثها الأثري، إذ تعرضت لأضرار خلال النزاعات في سورية، ويسعى الخبراء حالياً إلى تنفيذ مشاريع ترميم وصيانة تهدف إلى حماية معالمها وضمان استمرارية حضورها التاريخي للأجيال المقبلة.
وتجذب سنخار المهتمين بعلم الآثار وعشاق التاريخ بفضل ما توفره من فرصة لدراسة تفاصيل الحضارة البيزنطية، كما تقدم للزوار رؤى عميقة حول تطور المجتمعات في المنطقة، وتعزز صورة سورية كمركز للحضارات المتعاقبة.
ويزيد من جاذبية الموقع طابعه الريفي الذي تحيط به مناظر طبيعية خلابة، إذ يجمع بين متعة الاستكشاف التاريخي وروعة الطبيعة، ليمنح الزائر تجربة سياحية ثقافية متكاملة.
وتؤكد سنخار على أهمية الحفاظ على التراث الإنساني المشترك، فهي تمثل تفاعلاً بين حضارات متعاقبة، وتبقى شاهدة على إبداع الإنسان في مراحل تاريخية مختلفة، كما تواصل تقديم رسائل غنية حول قيمة التنوع الثقافي.
وتجعل هذه المقومات زيارة القرية رحلة عبر الزمن، حيث يتعرف الزائر على العمق البيزنطي للمنطقة، ويستمتع بتجربة ثقافية لا تتكرر، وهو ما يعزز أهمية الموقع كجزء من الهوية العالمية المشتركة.