يُعدّ سد السلمقي معلمًا أثريًا فريدًا من نوعه، يقع على بعد 30 كيلومترًا جنوب غرب الطائف، في وادي ثمالة الخصب بمنطقة مكة المكرمة، في المملكة العربية السعودية، ويُعتبر السد، على الرغم من قدمه، أكبر سد في منطقة الطائف، وشاهدًا على براعة الأجداد في إدارة المياه، وتطويع الطبيعة، لخدمة الإنسان، فهو ليس مجرد جدار حجري، بل هو رمز للتحدي، والإرادة، والإبداع.
يتميز السد بتصميمه التقليدي، الذي يعتمد على بناء جدار مزدوج، مصنوع من كتل حجرية كبيرة، ومستطيلة الشكل، كما أن جانبه العلوي مقاوم للماء، مما يُظهر مهارة المهندسين القدماء، في استخدام المواد المحلية، وبناء منشآت قوية، ومتينة، قادرة على الصمود أمام عوامل الزمن، والظروف البيئية، فكل حجر في السد يروي قصة عن الجهد، والإبداع، الذي بذله الإنسان القديم في بناء حضارته.
إنّ التاريخ الدقيق لبناء السد غير معروف على وجه التحديد، إلا أن أوجه التشابه المعمارية مع الهياكل المائية اليمنية القديمة، تُشير إلى أنه يعود إلى عصر ما قبل الإسلام، وهذا يُؤكد على أن المنطقة كانت مركزًا لحضارة متقدمة، كانت تهتم بإدارة المياه، والزراعة، كما أن النقوش الكوفية الإسلامية المبكرة، التي وُجدت على جدرانه، تُشير إلى استخدامه في العهد الأموي، مما يُضفي عليه طبقة أخرى من الأهمية التاريخية، ويُبرز دوره في التاريخ الإسلامي.
يُوجد بالقرب من السد بئران تاريخيان، متصلان بقناة، تُستخدم لجمع المياه، وتوزيعها على الأراضي الزراعية، وهذا يُؤكد على أن السد كان جزءًا من نظام ري متكامل، كان يُسهم في توفير المياه، للمزارعين، وسكان المنطقة، ويُساعد في نمو المحاصيل، وخصوبة الأرض، وهذا يُشجع على البحث، والتنقيب، عن المزيد من الآثار، التي تُظهر تاريخ المنطقة، وحضارتها.
تكمن القيمة التراثية لسد السلمقي في مزيجه الزمني، وتكامله مع المناظر الطبيعية الزراعية المحيطة به، فهو ليس مجرد معلم أثري، بل هو جزء من النسيج العمراني، والطبيعي، للمنطقة، ويُبرز العلاقة الوثيقة بين الإنسان، والطبيعة، في هذه المنطقة، وهذا يُعزّز مكانة المملكة كدولة غنية بالتراث، والتاريخ.
يُعدّ سد السلمقي أحد العناصر التي تُشكّل موقع “إدارة المياه في المملكة العربية السعودية: السدود القديمة” في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، وهذا الاعتراف الدولي يُؤكد على القيمة الاستثنائية للموقع، وضرورة الحفاظ عليه، وصيانته، ليبقى للأجيال القادمة، وهذا يُعزّز الوعي الثقافي، لدى الأجيال القادمة، ويُقدّم لهم فرصة للتعرف على تاريخ بلادهم.
المصدر: ويكيبيديا