الثلاثاء 1447/03/17هـ (09-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الصومال » مرئي » المعالم التاريخية » “حير عيسى”.. حكم تقليدي راسخ يساهم في حماية النسيج الاجتماعي بالصومال

“حير عيسى”.. حكم تقليدي راسخ يساهم في حماية النسيج الاجتماعي بالصومال

احتفل إقليم الصومال الإثيوبي خلال عام 2025 بإدراج نظام “حير عيسى” العرفي الشفوي ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، وذلك في حفل شعبي أقيم بمدينة دري طوى، حضرته قيادات محلية وممثلون عن المنظمات الثقافية والمجتمعية، تحت شعار “حير عيسى ركيزة أساسية للمساواة والعدل بين أبناء القبيلة”، في خطوة تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية هذا النظام كإطار حكم تقليدي راسخ يساهم في حماية النسيج الاجتماعي وتحقيق العدالة داخل مجتمعات قبيلة عيسى المنتشرة في إثيوبيا وجيبوتي والصومال.

ينظم نظام “حير عيسى” حياة أفراد القبيلة منذ قرون، ويعتمد على قوانين عرفية شفوية تنتقل عبر الأجيال، دون تدوين مكتوب، حيث تستند هذه القوانين إلى الحكمة الجماعية والخبرة التاريخية للمجتمع المحلي، ويقوم وجهاء القبيلة وشيوخها بحفظ بنوده وتطبيقها في النزاعات واتخاذ القرارات، بما يضمن احترام القيم المشتركة والامتثال للمعايير الأخلاقية التي يتوافق عليها الجميع.

ويتكون هذا النظام من ثلاث ركائز رئيسية تعمل في تناغم، أولها “الدستور السياسي” الذي يحدد أسس الحكم المحلي وآلية توزيع السلطات واتخاذ القرار، ويضمن مشاركة أفراد المجتمع في اختيار ممثليهم، والثانية “قانون العقوبات” الذي يضبط السلوك العام ويحدد العقوبات المناسبة في حال ارتكاب الجرائم أو الإخلال بالنظام العام، والثالثة “مدونة السلوك الاجتماعي” التي ترسم قواعد التعامل والتكافل والتعاون بين الأفراد والعائلات والمكونات المختلفة، مما يعزز الانسجام المجتمعي ويقلل من النزاعات الداخلية.

حير العيسى: القانون الذي سبق عصره | Geeska

وساهم هذا النظام في بناء علاقات مستقرة بين أبناء القبيلة، وكذلك في التعايش السلمي مع الجماعات العرقية المجاورة، حيث لعب دورًا محوريًا في فض النزاعات ومعالجة القضايا الاجتماعية بطرق سلمية تراعي العدالة، كما أتاح إطارًا تشاركيًا يتناسب مع طبيعة المجتمع القبلي ويحترم خصوصياته الثقافية، ويعتمد على الحوار كأساس لحل المشكلات وتعزيز اللحمة المجتمعية.

وتأتي هذه الخطوة في سياق الجهود المبذولة لتوثيق النظم التقليدية التي ما زالت حية، وتوفير الحماية القانونية والثقافية لها من خلال الاعتراف الدولي، حيث تسعى منظمة اليونسكو عبر برامجها إلى دعم مثل هذه الممارسات التي تمثل نماذج بديلة للحكم المجتمعي، وتكشف عن غنى التجارب المحلية التي طورتها الشعوب بعيدًا عن الأنظمة الرسمية الحديثة.

ويسهم إدراج “حير عيسى” ضمن التراث الثقافي غير المادي في دعم استمراريته، من خلال رفع الوعي بدوره وتوثيق مكوناته وإتاحة المجال للباحثين والمهتمين بدراسته، كما يشكل حافزًا للمجتمع المحلي للحفاظ عليه وتعليمه للأجيال الجديدة، ليظل جزءًا فاعلًا من هويته الثقافية، ويعكس في الوقت ذاته قدرة المجتمعات على إنتاج أدوات حكم متكاملة تستند إلى قيم العدالة والاحترام والمشاركة.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار