يَشهد جبل عكمة في العلا بالمملكة العربية السعودية على كونه مستودعًا معرفيًا فريدًا، فهو ليس مجرد تكوين صخري بل “مكتبة مفتوحة” تحوي أكبر مجموعة عالمية من النقوش الدادانية واللحيانية، وقد ساعدت هذه النقوش، التي تجاوزت ثلاثمائة نقش، في تتبع أصول اللغة العربية ووفرت توثيقًا لحضارات قديمة مثل الحضارة اللحيانية.
أصبح هذا الجبل الأثري جزءًا أصيلًا من سجل “ذاكرة العالم” التابع لمنظمة اليونسكو، وذلك اعترافًا بأهميته القصوى كـ “سجل حي” للتاريخ، حيث يعرض رموزًا وكتابات يعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، وتكشف تفاصيل دقيقة عن طقوس تلك الحضارات القديمة ونشاطاتها اليومية.
يُطلق عليه لقب “المكتبة المفتوحة” لأنه يحتضن مجموعة واسعة من النقوش، تشمل حوالي 450 نقشًا بخمس لغات عربية قديمة سابقة للنبطية، ومنها الأرامية والديدانية والثمودية والمينائية، وهي تشكل مجتمعة كنزًا لغويًا لا يُقدر بثمن.
تُدرج منظمة اليونسكو جبل عكمة في سجل “ذاكرة العالم” منذ عام 2023، ليعزز ذلك الجهود الرامية لتوثيق هذا التراث الثقافي النفيس للمنطقة، ويضمن حماية هذه الرسومات والنقوش التاريخية من عوامل التعرية والزمن.
يُمثل الموقع حاليًا وجهة سياحية وتعليمية بارزة، تجذب الباحثين وجميع المهتمين بالتاريخ لاستكشاف هذه النقوش والرسومات المتنوعة، والتي تتضمن صورًا لوجوه بشرية وحيوانات وآلات موسيقية منقوشة بإتقان على الصخور.
يَندرج جبل عكمة ضمن المراكز الخمسة الرئيسية في المخطط الطموح المسمى “رحلة عبر الزمن”، الذي يهدف إلى ترسيخ مكانة العلا كوجهة عالمية رائدة، ومحور للتراث والفنون والثقافة.
يُشكل “جبل عكمة” أحد الأعاجيب الثقافية والتاريخية في المملكة العربية السعودية، كونه يفتح نافذة مباشرة على عالم الأجداد وعمق ثقافتهم المفعمة بالحياة، لتكون هذه رحلة مذهلة تعبر بالزائر إلى أعماق الزمن.
يَجذب هذا الجبل، الواقع في المنطقة الشمالية الغربية لمحافظة العلا بالمدينة المنورة، السياحة الثقافية المتخصصة، لكونه يعزز الفهم العميق لمسيرة البشرية، ويروي بصدق حكاية تاريخية ثرية تنبض بالإبداع الحضاري.
يُعدّ عكمة من أهم المعالم التاريخية على الإطلاق في المملكة، لاحتوائه على هذه التشكيلة الهائلة من النقوش والرسومات، التي ظلت شاهدة على آلاف السنين من التطور الحضاري.
تُزين جوانب الجبل صخور بازلتية متشكلة طبيعيًا، تبدو وكأنها لوحات فنية مرسومة، إذ تحمل رسومات قديمة تحكي قصصًا عن تفاصيل الحياة اليومية والأحداث التاريخية التي مرت بها المنطقة، ضمن أكثر من 300 نقش تاريخي موثق.
تُظهر النقوش والرسومات الموجودة في جبل عكمة عناصر متعددة بدءًا من الكتابات الدادانية التي تجسد اللغة والثقافة القديمة، وصولاً إلى صور الحيوانات والوجوه البشرية المنحوتة بإتقان على تلك الصخور.
تُعتبر هذه الرسوم الفنية، التي استغرق إبداعها آلاف السنين، تحفًا ثقافية وفنية عظيمة خلدت تاريخ المنطقة بكل تفاصيله، وتشمل أنواع النقوش كتابات دادانية ووجوه بشرية وآلات موسيقية منحوتة.
تُعكس هذه النقوش إرثًا حضاريًا ضاربًا في القدم، يعبر عن عمق ثقافة المنطقة وحكايات أجدادها الأوائل، وتوفر الرحلة عبر هذا الجبل فرصة لاكتشاف جوانب مهمة من تراث المملكة والقيام برحلة فعلية عبر الزمن.
يُمثل إدراج الجبل في سِجل “ذاكرة العالم” لمنظمة اليونسكو خطوة حاسمة وضرورية، لضمان حماية هذه الرسومات التاريخية، والترويج لقيمتها الثقافية والتاريخية الكبيرة على مستوى العالم.
المصدر: ويكيبيديا
