الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مرئي » المعالم التاريخية » جامع الأشاعرة في زبيد شاهد حي على الإرث الإسلامي

جامع الأشاعرة في زبيد شاهد حي على الإرث الإسلامي

يبقى جامع الأشاعرة في زبيد شاهداً على التاريخ الإسلامي الطويل، إذ يُنسب تأسيسه إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري سنة 629 ميلادية، ليكون أول مسجد يُقام في منطقة تهامة، ومركزاً لنشر الدعوة الإسلامية وتعليم العلوم الشرعية.

حمل الجامع منذ إنشائه دوراً محورياً في الحياة الدينية والعلمية، حيث تحوّل إلى مدرسة إسلامية رائدة استقطبت طلاب العلم من مختلف المناطق، وأصبح رمزاً حضارياً يعكس روح الإسلام وانتشاره في اليمن.

وشهد الجامع سلسلة من التوسعات والترميمات التي تعكس تعاقب الدول والحكام على المنطقة، فابتداءً من عهد بني زياد وبني رسول وصولاً إلى بني طاهر، ظل المبنى محور اهتمام الحكام، حيث قام السلطان المنصور عبد الوهاب بن داود في العام 1486 ميلادية بعملية إعادة بناء واسعة منحت الجامع شكله الحالي.

كما ساهم سيف الإسلام طغتكين بن أيوب في القرن السادس الهجري في بناء أجزاء أساسية من الجامع، من بينها المؤخرة والجناحان والمئذنة، بينما أضاف الملوك الآخرون مدارس لتعليم القرآن والعلوم الشرعية، لتبقى المؤسسة العلمية حاضرة عبر الأجيال.

مساجد لها تاريخ جامع الأشاعرة في زبيد.. تاريخ عريق وتحفة معمارية فريدة – الثورة نت

ويغطي الجامع مساحة 2500 متر مربع، ويضم صحنًا مكشوفًا تحيط به أربعة أروقة، بنيت من مواد محلية مثل الطين والياجور والنورة البيضاء، مما يعكس تقنيات العمارة التقليدية في المنطقة.

ويحتوي المبنى على خمسة أبواب رئيسية وثمانية أبواب ثانوية، بالإضافة إلى محراب مزيّن بزخارف إسلامية مميزة تعكس الطراز المغاربي، كما يتضمن منبرًا خشبيًا يعود للقرن العاشر الهجري، وكرسيًا مخصصًا للعلماء، بينما زُيّن جدار القبلة بكتابات قرآنية ملونة ونقوش فنية تعكس جماليات العمارة الإسلامية.

ويتميز الجامع أيضاً بسقفه المسطح الذي تتوزع فيه القباب بشكل هندسي متناسق، مصنوع من خشب الطنب المزخرف، إضافة إلى مئذنته التي تعود للعصر الأيوبي والتي تعد واحدة من أبرز معالمه المعمارية، إذ تجسد الطراز الإسلامي الفريد.

ويضم الجامع اليوم 12 قبة و270 عقدًا و90 أسطوانة خشبية و140 دعامة من الياجور، إلى جانب مدرسة الأشاعر، ومكتبتين، ومقصورة للنساء، وأربطة مخصصة لطلاب العلم الوافدين من خارج المدينة.

ويشير الباحثون في تاريخ العمارة الإسلامية إلى أن موقع الجامع الاستراتيجي، المتصل بشبكة طرق تؤدي إلى شوارع زبيد وأسواقها، جعل منه نقطة التقاء علمية ودينية بارزة، حيث خرج منه عدد كبير من الفقهاء والعلماء الذين ساهموا في نشر المذهبين الشافعي والحنفي.

وتؤكد الدراسات التاريخية أن الجامع ظل لقرون طويلة مدرسة للعلم الشرعي، تُدرّس فيه علوم القرآن والحديث والفقه، ومن بين أبرز العلماء الذين برزوا فيه أبو العباس بن أحمد الحكمي وجمال الدين محمد بن علي الطيب، وغيرهم ممن تركوا بصماتهم في الحياة الفكرية والدينية.

المصدر: yemenmonitor

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار