الثلاثاء 1447/07/03هـ (23-12-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المملكة العربية السعودية » غير مادي » المهارات الحرفية التقليدية » النسيج والملبوسات.. إرث الحرير والصوف يروي قصة التبادل التجاري والحضاري العربي

النسيج والملبوسات.. إرث الحرير والصوف يروي قصة التبادل التجاري والحضاري العربي

تُعد صناعة النسيج والملبوسات واحدة من أقدم وأهم عناصر التراث الصناعي في الدول العربية، حيث شكلت قطاعاً اقتصادياً حيوياً، وكانت منتجاتها محط أنظار العالم ومطلباً أساسياً في الأسواق الدولية.

اِزدهرت هذه الصناعة بفضل توفر المواد الخام الأولية كالصوف والقطن والكتان في المنطقة، بالإضافة إلى المهارة الفائقة للحرفيين العرب في عمليات الغزل والنسج والصبغ، مما أضفى عليها جودة عالية، تجسدت هذه الصناعة في مدن عريقة مثل دمشق وحلب والقاهرة وبغداد، والتي أصبحت مراكز لتصدير الأقمشة الفاخرة إلى الشرق والغرب، فكانت جسراً للتجارة الحضارية.

يُعد فن غزل ونسج الأقمشة التقليدية من أبرز المهارات المتوارثة، حيث اشتهرت مدن بلاد الشام بصناعة الحرير وأنواع فريدة من الأقمشة التي تحمل أسماء المدن التي صنعت فيها، تُعرف أقمشة “الدامسكو” و”البروكار” الدمشقية، المنسوجة بالحرير وخيوط الذهب والفضة، بأنها تحف فنية نادرة، وكانت تُستخدم في صنع ملابس الأمراء والنبلاء في جميع أنحاء العالم، يُضاف إلى ذلك صناعة الأقمشة الصوفية السميكة في المناطق الجبلية والصحراوية، التي كانت تُستخدم لصنع “العباءات” و”البسط” اللازمة للحماية من البرد القارس.

صناعة النسيج في نجران .. موروث شعبي وإنتاج عصري

تتضمن صناعة النسيج مهارة الصباغة التقليدية، حيث كان الحرفيون يتقنون استخلاص الأصباغ الطبيعية ذات الألوان الزاهية والثابتة من النباتات والأعشاب والجذور، تُعد الأقمشة المصبوغة بالنيلة (النيلي) والقرمز (الأحمر القرمزي) من أشهر الألوان التي ميزت الأزياء العربية والملبوسات التقليدية، فكانت الألوان لها دلالات اجتماعية وجمالية خاصة، تُعد عملية الصباغة فنًا معقداً يتطلب خبرة كيميائية وطبيعية، توارثتها العائلات لضمان جودة اللون وثباته في مواجهة الغسيل والاستخدام المتكرر.

تُعد حرفة التطريز اليدوي على الملبوسات عنصراً مكملاً لا يقل أهمية عن النسيج نفسه، فكانت تُضفي على الثوب طابعاً شخصياً وفنياً.

تتميز الأزياء التقليدية بتنوع النقوش والزخارف التي تختلف باختلاف المنطقة الجغرافية في الدول العربية، فلكل قرية أو مدينة أسلوبها الخاص في التطريز يعكس هويتها الثقافية.

اشتهرت المناطق الريفية في بلاد الشام ومصر والمغرب العربي بملابسها المطرزة التي كانت تُستخدم فيها الخيوط الحريرية والقطنية ذات الألوان البراقة، وكانت قطعة فنية يمكن أن يستغرق إنجازها شهوراً.

لعبت أسواق النسيج دوراً حيوياً في التجارة الداخلية والخارجية، حيث كانت الأسواق المتخصصة مثل “سوق البزازين” (تجار القماش) تمثل مراكز ضخمة للتوزيع والبيع، وتُعد مقصداً للتجار من كل مكان.

يُحافظ على هذا التراث اليوم من خلال جهود ترميم وإحياء الورش التقليدية، وتشجيع الحرفيين على استخدام الأنوال اليدوية في إنتاج قطع فنية تراثية ذات قيمة عالية.

تبقى الأقمشة والملبوسات التقليدية رمزاً للغنى الثقافي والتنوع الجمالي في الدول العربية، وشاهداً على فترة ازدهار صناعي وحضاري طويل.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار