يُعد المنسف من أبرز الأطباق التي تعكس الهوية الوطنية الأردنية، حيث ارتبط اسمه بتاريخ الضيافة والمناسبات الاجتماعية في مختلف المناطق.
ويُقدَّم طبق المنسف في التجمعات العائلية والأعراس والعزاء والمناسبات العامة، إذ أصبح طقسًا ثقافيًا متجذرًا في الممارسات اليومية والموسمية، وهو ما دفع منظمة اليونسكو إلى إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي تقديرًا لقيمته الرمزية والمجتمعية.
يُحضّر المنسف من مكونات رئيسية بسيطة لكنها تحمل قيمة غذائية عالية وطابعًا محليًا واضحًا، إذ يبدأ بطبخ لحم الضأن البلدي في مرق خاص مكون من لبن الجميد، وهو اللبن المجفف والمخمر الذي يُنتج تقليديًا من حليب الأغنام ويتم حفظه على شكل كرات صلبة ثم يُذاب في الماء الساخن ليصبح سائلاً كثيفًا يُطهى مع اللحم.
ويُستخدم الأرز المصري قصير الحبة المطهو بالسمن البلدي كقاعدة للطبق، بينما يُفرش الخبز الرقيق المعروف بـ”الشراك” في أسفل الطبق ويُسكب فوقه الأرز واللحم، ويُضاف الجميد الساخن ويُزين باللوز والصنوبر والبقدونس المفروم لإبراز المذاق النهائي.
يعتمد نجاح المنسف على ضبط نسب الجميد وجودته، إذ يمنح الطبق نكهته القوية ومذاقه الحاد، ويتميز الجميد بقدرته على الحفظ الطويل دون تبريد، مما يجعله مكونًا مثاليًا للمناطق الريفية والصحراوية، كما تلعب البهارات دورًا ثانويًا في الطعم، حيث يُستخدم الهيل والكركم بشكل معتدل مع إضافة البصل إلى ماء سلق اللحم لإبراز نكهته الطبيعية دون إخفاء طعم الجميد.
يمثل المنسف أكثر من مجرد طعام، فهو يحمل بُعدًا اجتماعيًا مرتبطًا بالعادات القبلية وقيم الكرم والشهامة، ويُقدم دائمًا في أوانٍ دائرية كبيرة توضع في وسط المجالس، ويؤكل باليد وفقًا للعادات المتبعة، مما يعزز مفهوم المشاركة والتلاحم، كما تتناقل العائلات طرق تحضير المنسف جيلاً بعد جيل، مع الالتزام بالعناصر الأساسية التي تضمن بقاءه كرمز للهوية.
ساهم المنسف في تشكيل صورة الأردن في الخارج، وأصبح عنصرًا رئيسيًا في المناسبات الرسمية التي تُقام لاستقبال الوفود والزوار، وقد أدرجت اليونسكو هذا الطبق في عام 2023 ضمن قائمتها الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي، ما يعكس الاعتراف الدولي بالمكانة التي يحتلها هذا الطبق في الحياة اليومية والثقافة الأردنية.
المصدر: ويكيبيديا
