سجلت السعودية في عام 1437هـ الموافق 2015م عنصر “المجلس” ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، بالشراكة مع الإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان، بهدف حماية هذا الفضاء الاجتماعي الذي يحتل موقعًا محوريًا في الحياة اليومية الخليجية، ويمثل أحد أبرز الرموز الثقافية المرتبطة بالهوية السعودية، نظرًا لما يعكسه من قيم الكرم والتواصل والاحترام بين الأفراد.
ويُعد المجلس في المجتمع السعودي أكثر من مجرد مكان مخصص للجلوس، فهو مساحة اجتماعية مفتوحة تجمع أبناء الأسرة والجيران والأصدقاء والضيوف، وتُقام فيه الحوارات والمناقشات وتُتخذ فيه بعض القرارات المجتمعية، كما تُروى فيه القصص وتتبادل فيه الأخبار، ما يجعله ساحة للتفاعل المجتمعي المستمر الذي يعزز العلاقات الاجتماعية وينقل العادات والتقاليد بين الأجيال.
ويمتاز المجلس السعودي بعدد من الخصائص التي تعكس قيم الأصالة والبساطة والكرم، إذ يتسم باتساع مساحته ووجود سجاد يغطي الأرضية بالكامل، وتنتشر على أطرافه الوسائد والمُتكات التي توفر الراحة للجلوس، وغالبًا ما يتضمن موقدًا لإعداد القهوة وتقديمها للضيوف، في دلالة واضحة على حسن الضيافة، كما يُصمم المجلس بطريقة تتيح استيعاب عدد كبير من الزائرين دون تقييد، وهو ما يُعرف محليًا بـ”المجلس المفتوح” الذي يدل على سماحة وكرم صاحبه واستعداده لاستقبال الجميع في أي وقت.
ويأتي تسجيل المجلس ضمن التراث غير المادي في إطار الجهود التي تبذلها السعودية للحفاظ على عناصر هويتها الثقافية وتوثيق أنماط الحياة التقليدية التي ساهمت في بناء الروابط المجتمعية، كما يبرز المجلس كعنصر مشترك يعكس الروح الخليجية الموحدة، مع ما يحتويه من تنوع في التفاصيل المعمارية أو آداب الجلوس التي تختلف قليلًا من منطقة إلى أخرى داخل المملكة.
ويواصل المجلس اليوم أداء أدواره الاجتماعية رغم تطور أنماط الحياة، إذ لا يزال موجودًا في البيوت الجديدة والقرى والهجر، ويُعاد تصميمه في الأماكن العامة والمجالس البلدية ومجالس الأعيان والوجهاء، مما يؤكد استمرارية قيمته ورمزيته في المخيال الجمعي، ويجعله أحد أبرز معالم التراث التي تستحق الدعم والحماية من أجل نقلها للأجيال القادمة باعتبارها جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية.
المصدر: saudipedia