الخميس 1447/02/20هـ (14-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الكويت » مرئي » الآثار » الكشف عن بدايات الاستيطان البشري في الكويت

الكشف عن بدايات الاستيطان البشري في الكويت

أظهرت المؤشرات الجيولوجية والدلائل الأثرية احتمالية وجود نشاط بشري في منطقة وادي الباطن غرب الكويت خلال فترة العصر الحجري القديم الممتدة بين 500,000 إلى 15,000 قبل الميلاد، وهي منطقة تقع قرب الحدود مع العراق والمملكة العربية السعودية.

ولم تسفر عمليات التنقيب الأثري حتى الآن عن نتائج مؤكدة، لكن بقايا الصخور النهرية المنتشرة هناك، إلى جانب طبيعة الأرض، توحي بوجود أنهار قديمة وحياة نباتية وحيوانية انقرضت لاحقًا، ما يفتح الباب أمام بعثات علمية جديدة للكشف عن تاريخ الاستيطان في تلك المنطقة العريضة.

وتم توثيق وجود موقع طبيعي لإنتاج حجر الصوان في منطقة الوفرة جنوب البلاد، وهو الحجر الذي استخدمه الإنسان في العصور الحجرية لتصنيع أدواته مثل السكاكين والمكاشط ورؤوس السهام، ولم تُجر بعثات أثرية بعد في هذه المنطقة لربطها بنشاط بشري موثق، رغم أهميتها في فهم طبيعة الحياة اليومية خلال تلك الفترات.

وتشير شواهد مماثلة في منطقة برقان إلى وجود أدوات حجرية تعود للعصر الحجري الوسيط (15,000 – 12,000 ق.م)، وهي شظايا صغيرة الحجم تشير إلى استخدام الإنسان لها في الصيد، حيث كانت الحياة قائمة على التنقل وملاحقة مصادر الغذاء.

وانتقل الإنسان بعد ذلك إلى مرحلة العصر الحجري الحديث (12,000 – 6,500 ق.م) حيث بدأت ملامح الاستقرار والأنشطة المنظمة تظهر، وبرزت مناطق مثل حوض برقان كأحد المراكز المهمة لتلك الحقبة من خلال العثور على أدوات صوانية مصقولة.

ومع نهاية هذا العصر، وتحديدًا في فترة ما يعرف بثقافة العبيد (6,500 – 4,000 ق.م)، بدأت أولى بوادر التمدن وتوسعت مجالات الإنسان، ليبدأ في استخدام النحاس، وتشكيل شبكات تجارية، وتأسيس قرى وأحيانًا مدن صغيرة.

وسجّلت الكويت موقعًا مهمًا من هذه الفترة في منطقة الصبية، وتحديدًا في جزيرة طبيج، التي كشفت بعثات بولندية وبريطانية سابقة عن وجود نشاط استيطاني بها، بالإضافة إلى اكتشاف أدوات صيد، حلي، وتمثال بحري صغير لا يتجاوز طوله 10 سم، يعتبر أقدم تمثال لسفينة في التاريخ حتى الآن، ما يشير إلى معرفة مبكرة بفنون الملاحة واستخدام البحر لأغراض معيشية وتجارية.

ويمثل تل الصليبيخات نموذجًا آخر لأماكن الاستيطان على الضفاف الجنوبية لجون الكويت، ويقع على مسافة 18 كيلومترًا غرب مدينة الكويت، وهو تل أثري ارتبط اسمه إما بأحد السكان الأوائل أو بالمكون الجيولوجي المعروف باسم الصلبوخ، حسب اختلاف الروايات المحلية.

ويُتوقع أن تكون المنطقة شهدت تحولًا تدريجيًا مع انتهاء العصر الحجري الحديث، نحو استخدام النحاس وأدوات أكثر تقدمًا، في فترة تعرف باسم العصر الخالكوليثي أو النحاسي، الذي يمتد من الألف الرابع إلى الألف الثالث قبل الميلاد.

وتسعى الجهود الأثرية الحالية إلى سد الفجوة الزمنية بين نهاية العصور الحجرية وبداية العصر البرونزي، من خلال مواصلة التنقيب في المواقع المكتشفة حديثًا بالصبية، التي تضم آثارًا من فترات متنوعة، بما في ذلك ما يعتقد أنه معبد يعود إلى ثقافة جمدة نصر.

المصدر: موقع تراث الكويت

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار