الجمعة 1447/02/28هـ (22-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » غير مرئي » المعالم التاريخية » القدود الحلبية.. فن تراثي سوري يُغنى في المناسبات الدينية والمجالس الاجتماعية

القدود الحلبية.. فن تراثي سوري يُغنى في المناسبات الدينية والمجالس الاجتماعية

اشتهرت مدينة حلب عبر تاريخها الطويل بفن القدود الحلبية الذي يمثل أحد أهم أشكال الغناء التقليدي، ويتميز هذا الفن بطابعه الأصيل وتنوع استخداماته، إذ يُغنى في المناسبات الدينية والمجالس الاجتماعية والحفلات الترفيهية، بينما تتغير كلمات المقطوعات بحسب طبيعة المناسبة وظروفها، ما يجعل هذا الفن مرنًا ومترسخًا في الحياة اليومية لسكان المدينة.

ارتبطت القدود الحلبية بالبيئة الحلبية القديمة التي حافظت على التنوع الثقافي والانفتاح على المدارس الموسيقية المختلفة، حيث تميّزت هذه القدود بألحان مأخوذة من الموشحات والتواشيح الدينية وتمت إعادة تركيب كلماتها لتخدم موضوعات اجتماعية أو وجدانية أو روحية، وقد برع المطربون الحلبيون في تقديمها بأسلوب فني يدفع المستمع إلى حالة من الطرب الوجداني.

تناقل الناس هذا النوع من الغناء عبر الأجيال، حيث تعلمه الأبناء من الآباء في البيوت والحارات والمقاهي، وحافظت العائلات الحلبية على هذا التراث بوصفه مكونًا أساسيًا من مكونات هويتها الثقافية، كما ساهمت الفرق الموسيقية والمدارس الفنية في صقل أداء القدود وتقديمها ضمن عروض مسرحية وحفلات عامة داخل سورية وخارجها.

القدود الحلبية.. ألحان صوفية تقمّصها الغناء الشعبي | فن وشباب | الجزيرة الوثائقية

اشتهر عدد كبير من الفنانين بهذا الفن، وكان لهم دور بارز في نشره وتطويره، ومن بينهم صباح فخري الذي قدم مئات القدود على المسارح الدولية، وأسهم بصوته وأدائه في جعل القدود الحلبية معروفة لدى جمهور واسع من المستمعين العرب، ما أكسب هذا اللون من الغناء تقديرًا واسعًا وحضورًا دائمًا في برامج الإذاعة والتلفزيون.

أدرجت منظمة اليونسكو عام 2021 فن القدود الحلبية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في سورية، وجاء هذا الاعتراف ليوثق أهمية هذا النوع من الغناء الذي يعبر عن هوية موسيقية متجذرة في حلب، ويؤكد على أهمية الجهود المحلية في حماية الموروث الغنائي من الاندثار، خاصة في ظل ما مرت به المدينة من تحديات اجتماعية وثقافية خلال السنوات الماضية.

يتواصل الاهتمام بتدريس هذا الفن في المعاهد الموسيقية، وتُنظم فعاليات ومهرجانات فنية تهدف إلى التعريف بالقدود ونقلها إلى الجيل الجديد، كما تعمل مؤسسات ثقافية سورية على أرشفة التسجيلات القديمة وتوثيق السِيَر الذاتية للفنانين الذين أسهموا في حفظ هذا التراث الغنائي.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار