الجمعة 1447/02/28هـ (22-08-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » سوريا » مرئي » المعالم التاريخية » العود.. جز أصيل من الذاكرة الجماعية للسوريين ورفيقهم في الشتات واللجوء

العود.. جز أصيل من الذاكرة الجماعية للسوريين ورفيقهم في الشتات واللجوء

يمثل العود في سوريا أكثر من مجرد آلة موسيقية لأنه جزء أصيل من الذاكرة الجماعية التي توارثها السوريون جيلًا بعد جيل، وتعود جذوره إلى آلاف السنين التي شهدت خلالها البلاد نهضة فنية وموسيقية انعكست في طقوسهم الشعبية ومناسباتهم الثقافية، لذلك لم يكن غريبًا أن تعتمد منظمة اليونسكو صناعة العود والعزف عليه في سوريا ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، في خطوة تعكس القيمة الفنية والرمزية لهذه الحرفة.

اليونيسكو تدرج العود السوري ضمن التراث غير المادي | سكاي نيوز عربية

اشتهرت مدن سورية كدمشق وحلب وحماة بورش صناعة العود اليدوي، إذ تتطلب هذه الحرفة خبرة طويلة تبدأ من معرفة خصائص الأخشاب إلى فنون النحت والتجميع والتلميع.

ويتميز العود السوري بجودة الصناعة ودقة التفاصيل، كما أن صوته العميق يميّزه عن غيره من الأعواد، خصوصًا مقارنة بالعود التركي الذي يُعرف بخفة الوزن وحدة الصوت، ويُفضل الكثير من الموسيقيين العود السوري في أداء الموشحات والقدود والمواويل التي تعتبر من ركائز الموسيقى الشرقية.

اتخذ السوريون من العود رفيقًا لهم في الشتات واللجوء، إذ حمله الفنانون والموسيقيون إلى دول العالم، وواصلوا تدريسه والعزف عليه رغم ظروف الحرب والأزمات الاقتصادية، وهو ما ساهم في استمرارية هذا الفن داخل وخارج البلاد، وأكد ارتباطه بالهوية الثقافية السورية، كما أن الأجيال الجديدة واصلت تعلم العزف على العود كنوع من مقاومة النسيان الثقافي، وتوثيق الارتباط بين الماضي والحاضر.

تمر صناعة العود بعدة مراحل دقيقة، تبدأ باختيار الأخشاب الجافة التي تُعرف بجودتها مثل الجوز والورد والشوح، ويُستخدم الأبنوس في صناعة المسطرة والمفاتيح، وتُبنى الأجزاء الأساسية يدويًا وتشمل الصدر والساعد والظهر وبيت المفاتيح، ثم تُجمع وتُلمع وتُركب الأوتار النهائية، ما يجعل كل عود قطعة فريدة تُعبّر عن مهارة صانعها ومكان نشأته.

ورغم هذه المهارة، تواجه الصناعة تحديات كبيرة أبرزها نقص الأخشاب، وارتفاع أسعارها، وتراجع الطلب على الآلات الموسيقية بسبب الظروف الاقتصادية، مما أدى إلى إغلاق عدد من الورش التقليدية وتراجع عدد الحرفيين المتخصصين.

الأحرار نت

ساهم إدراج العود السوري في قائمة التراث الثقافي غير المادي في تسليط الضوء مجددًا على هذه الحرفة، وشجع المؤسسات الثقافية على تقديم دعم معنوي ومادي للصناع المحليين، كما زاد من الوعي بقيمة العود كأداة موسيقية ترتبط بالهوية والمجتمع، وليس مجرد وسيلة للعزف، واستعادة مكانة العود تتطلب مبادرات تعليمية داخل المدارس والمعاهد الفنية، إلى جانب برامج دعم للترويج للمنتج محليًا ودوليًا، بما يضمن استمرار هذه الصناعة في وجه المتغيرات.

يمثل العود السوري جزءًا حيًا من تاريخ الموسيقى في الشرق الأوسط، وحمايته ليست فقط مسؤولية الحرفيين، بل مسؤولية جماعية تبدأ من التعليم والثقافة وتصل إلى التشريعات والسياسات الثقافية، لأنه أداة تعبّر عن الوجدان الجمعي، وتحفظ التراث في وجه النسيان.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار