الجمعة 1447/05/16هـ (07-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » فلسطين » مرئي » الملابس » “الجلَّاية”.. ثوب العروس المطرز وتروي ذاكرة المرأة الفلسطينية عبر الأجيال

“الجلَّاية”.. ثوب العروس المطرز وتروي ذاكرة المرأة الفلسطينية عبر الأجيال

يُجسد ثوب الجلّاية حضورًا عميقًا في الذاكرة الفلسطينية، إذ ارتبط منذ عقود بهوية المرأة وبيئتها ومكانتها الاجتماعية، فقد حافظ هذا الزي على طابعه التقليدي رغم تغير الزمن، وظل شاهدًا على حكايات النساء اللواتي نسجن بخيوطه تفاصيل حياتهن وموروثهن الشعبي. تميز الثوب بلونه الأسود المطرز بكثافة بخيوط زاهية، واختلفت ألوانه وزخارفه من مدينة إلى أخرى، فكان في الخليل يميل إلى الأزرق الداكن، وفي غزة يُنسج من قماش سميك يتناسب مع طبيعة المناخ هناك.

ارتبط ثوب الجلّاية بالمناسبات الخاصة وخاصة الزواج، فكان جزءًا أساسيًا من جهاز العروس، ويمثل رمز الفخر والتجذر في الأرض، وكانت النساء يطرزنه يدويًا بخيوط القطن والحرير لإظهار مهارتهن وإبداعهن، كما أضيفت إليه في بعض المناطق قطع من الساتان أو المخمل لتمنحه مظهرًا أكثر فخامة يتناسب مع الاحتفال بالزفاف.

الأزياء الفلسطينية: هوية باقية - أ.د. ناصر أحمد سنه - المقالة - فلكلور

تتجلى في تفاصيل الثوب دقة الحرفة الفلسطينية القديمة، إذ تطرز القبة بأنماط هندسية ونباتية تُعرف باسم “القلايد” التي ترمز إلى الزينة والحياة، أما الأكمام فغالبًا ما تزدان بالتطريز الكثيف أو بقطع من الحرير الهرمزي الذي يعكس تأثيرات التجارة القديمة مع المناطق المجاورة، وتُعد الردفة أو الظهر من أكثر أجزاء الثوب تطريزًا، حيث تتنوع الزخارف بين تموجات هندسية وأشكال نباتية وطيور تعبّر عن الطبيعة والخصب.

ويمتد الإبداع إلى حواف الثوب التي تُعرف بالبنايق، فتُزين بأقراص صغيرة أو عرق الريش أو خطوط هندسية تعكس هوية كل منطقة فلسطينية، كما تمثل الألوان عنصرًا دالًا على الانتماء المحلي، فالأسود ظل اللون الأكثر شيوعًا في الوسط والجنوب، بينما يطغى الأزرق في الخليل، وأحيانًا الأحمر في مناطق الجليل، ما يجعل كل ثوب يحمل بصمة مدينته وخصوصيتها الثقافية.

لم يكن ثوب الجلّاية مجرد لباس بل وثيقة بصرية تنقل تاريخ المرأة الفلسطينية ومكانتها، فقد استخدم كوسيلة للتعبير عن الذات والانتماء، ومع الزمن أصبح رمزًا للمقاومة الثقافية في وجه محاولات طمس الهوية، واستمر ظهوره في الأعراس والمهرجانات والمعارض التراثية داخل فلسطين وخارجها، تأكيدًا على أن الهوية يمكن أن تُحمل بخيط وإبرة كما تُحمل في الذاكرة والوجدان.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار