السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الإمارات العربية المتحدة » مادي » المعالم التاريخية » البدية بالفجيرة.. مسجد القباب الأربع يقف شاهداً على 6 قرون من العمارة

البدية بالفجيرة.. مسجد القباب الأربع يقف شاهداً على 6 قرون من العمارة

يُعد مسجد البدية، الذي يُطلق عليه أحياناً اسم المسجد العثماني، صرحاً أثرياً شامخاً يقع في قرية البدية بإمارة الفجيرة، ويُمثل أقدم مسجد ماثل لا تزال تُقام فيه الصلاة بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد المسجد الأثري في العين، ويُقدر تاريخ بناء هذا المسجد بعام 1446 للميلاد تقريباً، وفقاً للدراسات الأثرية الحديثة.

يقع المسجد على الساحل الشرقي لدولة الإمارات، على الطريق الذي يربط بين مدينتي خورفكان ودبا الفجيرة، ويبعد حوالي 35 كيلومتراً تقريباً إلى الشمال من مدينة الفجيرة، وقد تم إدراج الموقع في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو تحت اسم “مسجد البدية”، مما يؤكد على أهميته التاريخية والمعمارية.

بُني المسجد بالاعتماد على مواد محلية صرفة، حيث استخدمت الحجارة الكبيرة والصغيرة المسماة (بازلت) في تشييد جدرانه، فيما استُخدم الطين المحروق كمادة رابطة فعالة في البناء، وتميّز المسجد بحجمه الصغير وطريقة تسقيفه الفريدة، التي تجعله أيقونة هندسية.

undefined

اعتمدت عمارة المسجد على عمود وسطي واحد لحمل سقفه المتمثل في أربع قباب متجاورة، في نظام هندسي بديع ومتقن، دون الحاجة إلى استخدام الأخشاب في رفع السقف، وتتكون كل قبة من ثلاث قباب مركبة فوق بعضها، حيث تبدأ بالقبة الكبيرة، تليها قبة أصغر، وتنتهي بقبة ثالثة ذات رأس دقيق، مما يمنحه مظهراً معمارياً لافتاً.

تحتوي قاعة الصلاة في المسجد على محراب صغير ومنبر متواضع، يتميز بنقوش ذات طابع هندسي خاص، كما تتوفر فيه بعض الفتحات الداخلية لضمان التهوية الجيدة والأرفف اللازمة، وتُظهر هذه التفاصيل الدقة في التخطيط والحرص على تلبية الاحتياجات الوظيفية للمصلين.

أكدت نتائج دراسة حديثة، أجرتها إدارة التراث والآثار بالفجيرة بالتعاون مع جامعة سيدني بأستراليا، تاريخ بناء المسجد، حيث استُخدمت تحاليل “كربون 14” على عينات عضوية مأخوذة من تحت أسس الجدران خلال موسم التنقيب الأثري بين عامي 1997 و1998 للميلاد، وأثبتت التحاليل أن تاريخ بناء مسجد البدية يرجع إلى حدود عام 1446 للميلاد، مما يرسخ مكانته كمعلم أثري ذي قيمة عليا.

قامت دائرة الآثار والتراث بالفجيرة بجهود صيانة وترميم شاملة للمسجد، بالتعاون مع بلدية دبي، واستمرت هذه العملية لأكثر من سنة. وشملت عمليات الترميم كافة أجزاء المسجد القديم، بالإضافة إلى الآثار المحيطة به، مما أعاد لقرية البدية بريقها التاريخي وحمى آثارها من الاندثار.

يتوافد السياح والزوار على المسجد بعد ترميمه، ليس فقط للصلاة فيه بل وأيضاً لالتقاط الصور التذكارية لهذه التحفة المعمارية التي تقف شامخة لستة قرون، وقد تم تصميم مكان للوضوء ليتناسب مع الشكل المعماري المميز للمسجد، ما يكمل المشهد التراثي الأنيق.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار