تُعد العمارة الطينية والحجرية في اليمن واحدة من أبرز وأقدم المدارس المعمارية في العالم، وهي تُجسد عبقرية الإنسان اليمني في التكيف مع تضاريس بيئته المتنوعة، تتميز هذه العمارة بجمالها الفريد ومتانتها التي تحدت عوامل الزمن والمناخ لقرون طويلة، اشتهرت مدن يمنية بهذه العمارة، مثل شبام حضرموت التي تُلقب بـ “مانهاتن الصحراء” وصنعاء القديمة.
يعتمد التصميم المعماري اليمني التقليدي على مبدأ البناء العمودي الشاهق، خاصة في المدن القديمة كصنعاء وشبام، تُبنى هذه المنازل بارتفاعات تصل إلى عدة طوابق، ما يمنحها شكل الحصون الشامخة ويوفر مساحة أكبر للزراعة، تُستخدم مواد بناء محلية بالكامل، أبرزها الطين (المدر) والحجارة.

تُصمم المنازل الطينية بطريقة تضمن حماية السكان من قسوة المناخ والبيئة، تكون الطوابق السفلية مخصصة عادةً لتخزين الحبوب والمواشي، وتُبنى من الحجارة لزيادة المتانة والبرودة، بينما تُبنى الطوابق العلوية من الطين، وتُخصص للسكن، تتميز النوافذ بكونها صغيرة ومزينة بـ “القُمريات” وهي نوافذ زجاجية ملونة تُدخل الضوء وتخفف من حدة الحرارة.
يُعد “الـمَدر” (الطين الممزوج بالتبن) هو المادة الأساسية في بناء الجدران، ويُجفف في الشمس ليصبح قوالب صلبة، يُستخدم الجص الأبيض (النورة) لتزيين الطوابق العلوية حول النوافذ، ما يُضفي عليها منظراً جمالياً مميزاً، ويُساعد في مقاومة الأمطار وعوامل التعرية.
تتمحور الحياة داخل المنزل اليمني حول “الديوان” أو “المفرج”، وهي الغرفة الرئيسية التي تتميز باتساعها وارتفاع سقفها، وتخصص لاستقبال الضيوف والتجمعات العائلية، غالباً ما تطل هذه الغرفة على منظر طبيعي جميل عبر القمريات، ما يجعلها مركز الاسترخاء والاجتماع.
تظل هذه العمارة التراثية شهادة على مهارة الأجداد في التشييد، وتُمثل جزءاً حيوياً من التراث العالمي الذي يجب الحفاظ عليه، تُعد مدينة صنعاء القديمة، بما تحويه من آلاف المنازل الطينية المتلاصقة، أيقونة فنية ومعمارية لا تقدر بثمن.
المصدر: ويكيبيديا