تعتبر أكلة المكدوس واحدة من أشهر الأطباق الشامية التي تتميز بها بلاد الشام، خاصةً في سوريا، إذ ارتبطت صناعته بمواسم محددة منذ القدم، يبدأ إعداد هذا المقبل الشهي عادةً مع نهاية شهر سبتمبر ويستمر خلال شهر أكتوبر، وذلك تزامناً مع وفرة نوع مميز من الباذنجان المخصص له، يُعرف هذا النوع باسم “الأسود البلدي” وهو باذنجان مدور صغير، بينما يفضل البعض استخدام أصناف أخرى مثل “الحمصي” أو “الحموي”.
يؤكل المكدوس كطبق رئيسي على وجبتي الإفطار أو العشاء، وهو عنصر أساسي ضمن “مونة” البيوت في سوريا ومعظم مناطق بلاد الشام، يحفظ المكدوس مغموراً بزيت الزيتون النقي، ما يضمن بقاءه صالحاً للاستهلاك لفترة زمنية طويلة، تكمن أهمية هذا الطبق في كونه يمثل جزءاً من التراث الغذائي الذي تناقلته الأجيال.
يعود أصل وطريقة تحضير المكدوس إلى مئات السنين، وقد اشتهر بشكل خاص بين الفلاحين والمزارعين في المنطقة، كانوا يقومون بسلق الباذنجان بعد جني المحاصيل في فصل الخريف، ثم يضيفون إليه الجوز والفليفلة كمكونات أساسية لهذه الطريقة التقليدية، تُشير الروايات إلى أن مدينة حلب هي المدينة التي اكتشفت فيها طريقة صنع المكدوس لأول مرة.
![]()
يتكون المكدوس بشكل أساسي من الباذنجان المسلوق، والجوز البلدي المفروم، والثوم المفروم، بالإضافة إلى الفلفل الأحمر المفروم ناعماً، يمزج الفلفل الأحمر عادةً بين الحلو والحار حسب الرغبة الشخصية، يُغمر المكدوس بزيت الزيتون الصافي للحفظ، علماً أنه يمكن استخدام زيوت نباتية أخرى كالصويا بدلاً منه أو بمزجهما معاً، يضاف الملح البحري أو الصخري (الخالي من اليود) لإتمام عملية التخليل والحفظ.
تُنظف حبات الباذنجان بنزع القشرة العلوية من الرأس، ثم تُسلق (دون تقشير) لمدة تتراوح بين 45 إلى 60 دقيقة تقريباً حسب نوع الباذنجان، تُشق الحبات المسلوقة من الجانب وتوضع في مصفاة، ويُوضع فوقها ثقل بهدف تصفيتها من أكبر قدر ممكن من الماء، يُساعد إضافة ملعقة صغيرة من الملح داخل كل حبة على تسهيل عملية التصفية.
يُجهز مزيج الحشوة بخلط الجوز والثوم والفلفل الأحمر والقليل من الملح، يُحشى هذا المزيج داخل حبات الباذنجان المصفاة، ثم تُصف الحبات المحشوة داخل وعاء زجاجي محكم الإغلاق (مرطبان)، يُغمر الوعاء بالكامل بالزيت الصافي، ويُحفظ بعيداً عن أشعة الشمس المباشرة لضمان جودته، يُصبح المكدوس جاهزاً للأكل بعد مرور فترة تتراوح بين ثلاثة أيام وأسبوع، وهذا يعتمد على دفء الطقس.
تحتاج عملية الحشو إلى مقادير دقيقة لضمان الطعم المميز، إذ يُستخدم حوالي نصف كيلوغرام من الجوز المفروم لكل سبعة كيلوغرامات من الباذنجان قبل السلق، تُفضل الفليفلة البلدية في الحشو على الأنواع الغربية، ويُحبذ أن يكون بها طعم حار خفيف حسب الذوق، تُقدر كمية الفليفلة المفرومة بحوالي 700 غرام لكل سبعة كيلوغرامات من الباذنجان، أما الثوم فتُستخدم منه حوالي 100 غرام لنفس كمية الباذنجان.
تُعد فتّة المكدوس طبقاً رئيسياً مختلفاً عن المكدوس العادي المحفوظ بالزيت، تُحضر هذه الفتة بمكونات إضافية تشمل اللحم واللبن والطحينة والثوم والطماطم والبصل وصلصة الطماطم ودبس الرمان، تُقدم مع زيت الذرة والصنوبر والخبز، بالإضافة إلى الفلفل والملح للتتبيل، تحتوي وجبة فتة المكدوس الواحدة (بوزن تقريبي 300 غرام) على حوالي 662 وحدة حرارية، وفقاً لمصادر متخصصة في التغذية.
المصدر: ويكيبيديا