السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الإمارات العربية المتحدة » مادي » المعالم التاريخية » موقع الدور بأم القيوين.. مدينة التجارة القديمة تكشف أسرار ألفي عام

موقع الدور بأم القيوين.. مدينة التجارة القديمة تكشف أسرار ألفي عام

يُعد موقع الدور الأثري، الذي يقع في إمارة أم القيوين، أحد أهم وأبرز المواقع الأثرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويُمثل بقايا مستوطنة بشرية متكاملة يعود تاريخها إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد وبداية القرن الأول الميلادي، وتغطي مساحة الموقع حوالي ثلاثة كيلومترات مربعة، وهو يطل مباشرة على “خور البيضاء”، الذي يُعتقد أنه كان مرفأ حيوياً للسفن في العصور الغابرة.

اكتشفت البعثة الأثرية العراقية أهمية الموقع للمرة الأولى في عام 1970، لتبدأ بعد ذلك أعمال تنقيب واسعة شاركت فيها أربع بعثات أجنبية من الدنمارك وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا، استمرت حتى منتصف التسعينيات، وتتراوح الآثار المكتشفة في الموقع بين بقايا معمارية متينة وكنوز من اللُقًى الأثرية الثمينة.

يضم الموقع بقايا حصن قديم مربع الشكل، تتخلله أبراج مستديرة عند زواياه، وكان يُمثل المركز الدفاعي والإداري للمستوطنة، وإلى جانب الحصن، تم اكتشاف مبنى رئيسي آخر، وُصف بأنه معبد مكرس لعبادة الآلهة السامية “شمش” (إله الشمس)، بناءً على وجود حوض داخله وحجر مستطيل يحمل تسعة سطور باللغة الآرامية.

موقع الدور الأثري في أم القيوين.. عناصر معمارية شاهدة على الحضارة

يُعتقد أن اللغة الآرامية كانت مستخدمة في الموقع، رغم وجود أدلة على استخدام اللغة العربية البدائية وأبجدية خاصة بجنوبي الجزيرة العربية في تلك الفترة، وقد أظهرت المكتشفات وجود بئر دائري مرصوف بالحجارة بالقرب من المعبد، مما يشير إلى توفر المياه ومهارة السكان في إدارة الموارد.

أسفرت التنقيبات عن اكتشاف أحجام مختلفة من المنازل، رغم ترجيح اختفاء معظمها لكونها مصنوعة من مواد قابلة للاستهلاك مثل سعف وجذوع النخيل، إضافة إلى اكتشاف هياكل عظمية لجمال، وبعضها وُجد بجانبه سيف حديدي، مما يعكس طبيعة الحياة اليومية والممارسات الجنائزية، ويُعتقد أن الموقع يضم حوالي 20 ألف مقبرة بشكل عام، وتم في أحدث عمليات التنقيب اكتشاف 15 مدفناً جديداً.

تبرز الأهمية التجارية الكبرى لموقع الدور من خلال اللُقًى الأثرية، حيث تم العثور على تماثيل برونزية وعملات تعود للإسكندر المقدوني، بالإضافة إلى أدوات وفخاريات هندية ومستوردة من روما وشرقي البحر الأبيض المتوسط، وتؤكد هذه المكتشفات على قيام علاقات تجارية نشطة مع كل من الشرق والغرب، وأن الدور كانت ميناءً تجارياً حيوياً على طريق التجارة البحرية.

تم العثور أيضاً على عدد كبير من العملات المعدنية المصنوعة محلياً، التي يحمل العديد منها اسم “آبي آيل”، مما يدل على وجود دار لسك العملة في المنطقة، وأن الدور كانت في أوج ازدهارها خلال القرن الأول الميلادي، ولأهميته الاستثنائية وتاريخه العريق، تم إدراج موقع الدور في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو.

تتواصل جهود دائرة السياحة والآثار بأم القيوين لتطوير الموقع الأثري، والسعي لضمه إلى لائحة التراث العالمي لليونسكو، ويهدف هذا التطوير إلى تعزيز مكانة الإمارة الثقافية والسياحية، وتقديم الموقع كمنتج سياحي جديد للزوار المهتمين بالتعرف على الحضارات القديمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار