السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » اليمن » مادي » الآثار » دار الحجر باليمن.. قصر تراثي وتحفة معمارية سبئية تُعانق السحاب فوق صخرة

دار الحجر باليمن.. قصر تراثي وتحفة معمارية سبئية تُعانق السحاب فوق صخرة

يربض دار الحجر بهدوء وعظمة فوق صخرة يبلغ ارتفاعها 35 متراً في بلدة “وادي ظهر”، التابعة لمديرية همدان باليمن، على بعد حوالي 15 كيلومتراً في الشمال الغربي من العاصمة صنعاء، ويظهر القصر بطوابقه السبعة كلوحة معمارية معلقة، تُجسد تناسقاً مذهلاً مع طبيعة وشكل الصخرة الشاهقة، ويُعد هذا القصر أحد أهم المعالم التاريخية اليمنية.

تشير المراجع التاريخية إلى أن القصر شُيد على أنقاض قصر سبئي قديم، بناه الحميريون في حوالي عام 3000 قبل الميلاد، وكان يُطلق عليه قديماً اسم “ذي سيدان” أو “ذو ريدان”، ولكن هذا القصر دُمر بالكامل لدى الغزو التركي لليمن، أُعيد ترميم القصر وبناؤه بشكله الحالي بداية القرن العشرين، رغم أن القصر ينسب إلى الملك “أريم ملشان ذو يزن”، أحد الملوك الحميريين القدامى.

ظل القصر يُعتبر دهشة وأعجوبة معمارية بسبب احتراف مؤسسه وإحاطته بالهندسة المعمارية وعلم الفلك، كما يتضح في تناسق طوابقه التي جاء تصميمها ملائماً تماماً للتكوين الصخري الطبيعي.

يستمد دار الحجر، الذي شُيد بالنمط المعماري الصنعائي القديم، اسمه من الصخرة المنحوت منها، لكنه قديماً أُطلق عليه أسماء عدة، منها “قصر ظهر”.

ورد ذكر “قصر ظهر” في النقوش اليمنية القديمة، خاصة نقش النصر الذي عُثر عليه في الآثار السبئية في عاصمة مملكة سبأ بمحافظة مأرب شرق البلاد.

اشتق “قصر ظهر” اسمه من مدينة ظهر المحاطة بالبساتين الوارفة من العنب والرمان والخوخ والتين والسفرجل، ويرجع تاريخ بناء المدينة والقصر إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد، فيما يرجع تاريخ تشييده الحديث إلى عام 1932 تحديداً، من الأسماء القديمة الأخرى للقصر اسم “ذو سيدان” أو “ذو ريدان”، ويعود أصله لحصن سبئي شُيد إبان مملكة سبأ قبل 3 آلاف عام.

توارد على حكم هذا القصر عدد من الملوك اليمنيين عبر العصور، وقد خُصص المبنى الخارجي في الجزء الجنوبي الغربي من القصر لاستقبال الضيوف وكبار رجالات الدولة، أما الجهة الشمالية فتظهر فيها قبور صخرية، يُقال إنها استُخدمت مقابر قديمة لسكان “دار الحجر”.

يتألف القصر من سبعة طوابق متناسقة في تصميمها المتقن، منها جزء مبني بالحجر الأسود وجزء آخر منحوت من الصخرة التي شُيد عليها بشكل بديع.

دار الحجر في وادي ظهر بصنعاء

يضم الطابق الأول غرفة الحراسة وعمال القصر، فيما يضم الطابق الثاني خزان مياه محفوراً في الصخرة بعمق سبعين متراً، وبحسب مرشد محلي، فإن الطابق الثاني يضم كذلك مخازن ومطاحن الحبوب الحجرية وغرفة مخصصة لطهي الطعام.

يتكون القصر في الطابق الثالث من غرف عائلية ذات جهات مختلفة بحسب فصول السنة، فهناك الغرف الصيفية التي تستقبل الهواء البارد جداً بمجرد فتحة بسيطة في نوافذها، وغرف أخرى باتجاه الشمس تظل دافئة في فصل الشتاء.

تتواجد في ذات الطابق شرفة واسعة مزودة بمزاريب وأحواض مائية كانت تستخدم للغسيل، إضافة إلى غرف النوم المزودة بخزانات جدارية لحفظ الملابس والمجوهرات والمقتنيات الثمينة، وتضم هذه الغرف كُوات واسعة تتخللها فتحات تُستخدم كبرادات طبيعية لمياه الشرب، إضافة إلى فتحات أخرى خُصصت للحراسة، تسمح بمراقبة محيط القصر.

يضم القصر ممراً واسعاً اتُخذ كحوش مرصوف بأحجار توصل إلى استراحة، ويقع شمالها “المفرج” وهو مجلس كبير يطل على حوض مائي دائري بني بالحجر الأسود، وكان يتخذه الملوك موقعاً لاستقبال كبار الضيوف.

تُزين طوابق القصر من الخارج أشرطة وأحزمة من الزخارف الهندسية المتنوعة المتقنة، بينما تُزود نوافذ بعض غرف طوابقه بمشربيات، وهي عبارة عن شبك خشبي منحوت يحيط بالنافذة، وذلك تفادياً لسقوط الأطفال ويسمح في الوقت نفسه برؤية الخارج ودخول الهواء البارد.

أما الأدوار العلوية الأربعة الأخرى، فهي خاصة بالملك وعائلته وتتألف من غرف ومتنفسات واسعة، يستشرف فيها الجالس أكبر قدر من المناظر المحيطة بالقصر.

تتوسط هذه الأدوار نوافذ زجاجية واسعة تعلوها “القمريات” اليمانية المميزة، وهي عبارة عن قطع مزخرفة نصف دائرية تعلو النوافذ ومصنوعة من الرخام أو الجص المنقوش، والمزين بالزجاج الملون.

يتألف هذا المبنى من مفرج وغرفة البرزة يفتحان على فناء مكشوف مستطيل الشكل، رُصفت أرضيته بأحجار سوداء مشذبة، وتتوسط الفناء نافورة دائرية، ويتميز الفناء بإطلالة جميلة على البساتين المحيطة بالقصر من الجهة الغربية.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار