يُعد سوق “المباركية” التراثي الشعبي الأشهر والأقدم في دولة الكويت، ورغم تطور الأسواق وامتدادها العمراني الحديث، فإنه يحافظ على طابعه الخاص ومكانته المتميزة، ويقع السوق في منطقة “القبلة” بقلب العاصمة، مما يجعله مقصداً أساسياً للمواطنين والوافدين والسياح من مختلف الفئات العمرية والجنسيات.
ظل هذا السوق، منذ نشأته وحتى الآن، محافظاً على مكانته التراثية والشعبية والسياحية والتجارية، إذ يأتيه الزوار والمستهلكون من كل مكان ليصبح أحد معالم الكويت الشهيرة.
نشأ هذا السوق تاريخياً قبل أكثر من 120 عاماً، وظهر بجهود التجار الكويتيين الذين كانوا يجلبون بضائعهم المتنوعة من العراق وأفريقيا والهند أثناء رحلاتهم البحرية، وكان سوق “المباركية” قديماً عبارة عن مجموعة من الأكشاك، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى حاكم الكويت الشيخ مبارك الصباح، المعروف بـ”مبارك الكبير”.
بنى الشيخ مبارك الصباح أول “كشك” في المباركية عام 1897، أي بعد سنة من توليه الحكم، واعتبر هذا الكشك ديواناً لإدارة الشؤون العامة والاستماع إلى آراء ومشكلات الناس.
أصبح ذلك الكشك لاحقاً أول محكمة في الكويت، وكانت تحيط به مجموعة من الأسواق التجارية، ويمتاز السوق ومحلاته حالياً بالطابع التراثي الكويتي القديم الأصيل، ولكنه يسعى في الوقت نفسه لاستقطاب جيل الشباب عبر مزج الطابع التراثي بالحديث والمعاصر.
انتشرت في الآونة الأخيرة مقاهٍ ومطاعم جديدة تقدم الأطباق العصرية والمختلفة، كما خُصصت مساحات واسعة لإقامة المعارض الشبابية التي تواكب الجيل الحالي، ليصبح السوق حاضناً للمشاريع الشبابية الناشئة.

يتماشى سوق المباركية مع جميع الفصول الأربعة بفضل جانبه المعماري المتميز، وتساعد الأسقف الخشبية التي تغطيه وممراته في الوقاية من حرارة الصيف وبرد الشتاء.
ينتشر في فصل الصيف استخدام أجهزة التبريد الداخلية والخارجية في السوق، لكي يتمكن الزائر من التمتع بالجلوس في المطاعم والمقاهي ذات المقاعد الخارجية المكشوفة.
أما في الشتاء، فنرى أجهزة التدفئة تنتشر في أماكن الجلوس، بينما تضع بعض المطاعم والمقاهي ستراً أو قطعة من القماش على المقاعد، حتى يرتديها الزائر في حال شعوره بالبرد أثناء تناوله للطعام.
يلبي سوق “المباركية” جميع احتياجات الأسرة الكويتية والوافدة على حد سواء، خاصة مع التنوع الهائل في محلاته التجارية، حيث تتوزع المحلات بين متاجر للملابس وأخرى لاحتياجات المنزل ولوازم البر والسفر، ومحلات للصرافة والعطارة والتحف.
يضم السوق كذلك مجموعة متنوعة من المطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى سوق مخصص لبيع الأسماك والخضراوات والفاكهة والتمور والعسل والمخللات والحلويات وغيرها من المواد الغذائية، يُعد “المباركية” الوجهة الأولى لشراء احتياجات الرجال، كأقمشة الدشاديش والغتر والعقل والبشوت والأحذية.
يشمل اهتمام الرجال أيضاً الكماليات مثل المسابيح والمحافظ والأقلام الرجالية وغيرها، أما بالنسبة للنساء، فتتنوع المحلات الخاصة بهن، مثل الملابس والعباءات ومستحضرات التجميل والأحذية والحقائب والخامات النسائية المختلفة.
يضم السوق أيضاً محلات لبيع الذهب والإكسسوارات وجميع الاحتياجات الأخرى التي تهم المرأة، ولم يغفل سوق “المباركية” عن الأطفال، بل تتخلله محلات لملابس الأطفال وأخرى للألعاب المتنوعة،خُصصت كذلك مساحات واسعة للملاهي المجانية، وُضعت ليلعب فيها الأطفال بكل أمان وطمأنينة تحت رقابة الأهل.
تنتشر محلات العطور والبخور في السوق على نطاق واسع، ويضم تقريباً جميع المحلات المعروفة الخاصة ببيع العطور، وتُعد الأفضل لجلب البخور ودهن العود والعطورات العربية الأصيلة.
ويحظى سوق المباركية بنصيب كبير من احتفالات الكويت الوطنية، ويشارك فيما تحييه الدولة من مناسبات للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، أو مناسبات أخرى ذات صلة بالتراث والثقافة، يتشح السوق بشكل خاص في احتفالات الأعياد الوطنية بالزينة وأعلام الكويت التي ترفرف في كل مكان.
تصدح في أروقة السوق الأغاني الوطنية الحماسية ابتهاجاً بالعيد، ويُعرض فيه البضائع الخاصة باحتفالات هذه المناسبة، بالإضافة إلى إقامة مسابقات ومعارض فنية وتقديم الجوائز القيمة للزوار.
المصدر: العين الإخبارية