السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مادي » المعالم التاريخية » صناعة ورق البردي.. حرفة تراثية من زمن الفراعنة وتحافظ عليها قرية مصرية

صناعة ورق البردي.. حرفة تراثية من زمن الفراعنة وتحافظ عليها قرية مصرية

تحافظ قرية القراموص بمحافظة الشرقية في مصر على واحدة من أقدم الحرف التي عرفها التاريخ، إذ تواصل صناعة ورق البردي منذ آلاف السنين، وتبقي هذا التراث الفرعوني حياً رغم تغير الزمن، ويُعد هذا الفن رمزاً للهوية المصرية القديمة التي ربطت بين النيل والحياة، وبين الورق والمعرفة، فكان البردي أول وسيلة للكتابة في التاريخ استخدمها المصريون لتوثيق علومهم ومعتقداتهم على مر العصور.

وتبدأ صناعة ورق البردي من زراعة نبات البردي الذي ينمو على ضفاف النيل وفي دلتا مصر، حيث يعمل المزارعون على حصاد سيقانه الطويلة بعد نموها الكامل، ثم تقطيعها إلى أجزاء متقاربة الطول تمهيداً لمرحلة التصنيع.

ويُقشر اللحاء الخارجي الصلب ليُكشف اللب الداخلي الأبيض، ثم تُقطع هذه الأجزاء إلى شرائح رفيعة ومرنة تُشكل الأساس لصناعة الورق.

ويُترك اللب بعد ذلك في الماء لعدة أيام حتى يلين، وتُستخدم أحياناً مواد مثل البوتاس أو الكلور لتفتيح اللون في بعض الورش الحديثة، بينما يفضل الحرفيون التقليديون اللون البني الطبيعي الذي يمنح الورق طابعاً أثرياً مميزاً.

قرية مصرية تكافح للمحافظة على صناعة ورق البردي | صحيفة الخليج

وبعد النقع، تُفرد الشرائح وتُرص بعناية في اتجاهين متعامدين لتشكيل شبكة قوية، ثم تُضغط تحت ألواح خشبية ثقيلة حتى تتماسك الطبقات بواسطة العصارة الطبيعية للنبات دون أي مواد لاصقة.

ويجفف الورق بعد الكبس لعدة أيام حتى يكتسب صلابته ومظهره النهائي، ثم يُقطع إلى أحجام مختلفة تناسب أغراض الاستخدام والزينة.

ويُزين العديد من هذه الأوراق برسومات فرعونية تصور الملوك والآلهة والمشاهد اليومية من حياة المصريين القدماء، مما يجعلها تحفاً فنية يقبل عليها السياح والمهتمون بالتراث من مختلف دول العالم.

وتُعد قرية القراموص اليوم المركز الوحيد في العالم الذي ما زال يمارس هذه الحرفة بنفس الطريقة التي عرفها الفراعنة، إذ يعتمد صانعو البردي فيها على المهارة اليدوية والخبرة المتوارثة عبر الأجيال.

وتوفر الصناعة دخلاً أساسياً لعشرات الأسر التي تعيش على زراعة وتصنيع هذا النبات، كما أصبحت القرية وجهة سياحية يقصدها الزوار للتعرف على مراحل إنتاج الورق ومشاهدة الحرفيين أثناء العمل.

ويقول الحرفيون إن الحفاظ على هذه الصناعة ليس عملاً تجارياً فقط بل واجب ثقافي، لأن ورق البردي يمثل أول صفحة في تاريخ الكتابة البشرية، فقد استخدمه المصريون القدماء في تسجيل علومهم ودياناتهم، وانتقل بعدها إلى اليونان وروما قبل أن يتراجع مع ظهور الورق الحديث في القرن الحادي عشر الميلادي.

ويعمل أهل القرية اليوم على تطوير منتجاتهم بما يناسب الأسواق العالمية، مع الحفاظ على الطابع التقليدي للورق الذي يحمل روح الحضارة المصرية القديمة.

وتُصدر القراموص آلاف الأوراق المزخرفة سنوياً إلى أوروبا وآسيا وأمريكا، مما يجعلها شاهداً على استمرار تراث الفراعنة في عصر الصناعة الحديثة.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار