يحافظ المطبخ الإماراتي على تراثه عبر مجموعة من الأكلات الشعبية التي تمثل جانبًا مهمًا من الهوية الغذائية، ومن أبرزها طبق “الجشيد” الذي يعد من الأكلات التقليدية القديمة في دولة الإمارات، ويتميز بمذاقه القوي ومكوناته البسيطة التي تعكس ارتباط الإماراتيين بالبحر كمصدر رئيسي للغذاء.
ويصنع الجشيد من لحم سمك القرش الصغير، ويقدم عادة مع الأرز الأبيض أو الخبز، فيما يعرف في بعض المناطق بأسماء أخرى مثل “ولد الولد” أو “اليريور”.
ويحضر هذا الطبق في مختلف المناسبات وخصوصًا في شهر رمضان، حيث يحرص الكثير من الإماراتيين على وجوده على موائدهم كجزء من العادات المتوارثة التي تعبر عن الكرم والضيافة.
ويعتبر الجشيد من الأطباق التي تجمع العائلة حول المائدة، ويحرص الجيران على تبادل أطباقه، إذ يقوم من يحضره بإرسال جزء منه إلى جاره كتعبير عن المحبة والتواصل الاجتماعي.

ويحمل الجشيد قيمة غذائية كبيرة، إذ يحتوي على البروتينات والعناصر المفيدة للجسم، كما يُعتقد أن تناوله يساعد على علاج الضعف العام وتقوية الذاكرة، وهي معلومات متوارثة بين الأجيال في المجتمع الإماراتي الذي عرف دائمًا كيف يستفيد من مكونات بيئته البحرية والطبيعية لتكوين نظام غذائي متوازن ومتكامل.
ويبدأ تحضير الجشيد باختيار سمك القرش الصغير بعناية، ثم يُقطع إلى قطع متوسطة الحجم وتُزال الرأس، وبعد ذلك يُسلق السمك في ماء مغلي حتى ينضج تمامًا، ثم يُترك ليبرد قليلًا قبل إزالة الجلد والعظم منه، بعد ذلك يُفتت اللحم جيدًا ويُعصر للتخلص من الماء الزائد، ليصبح جاهزًا للمرحلة التالية من الطهي.
وفي قدر متوسط يوضع القليل من الزيت، ثم يُضاف البصل المقطع ويُقلب حتى يذبل، يلي ذلك إضافة الثوم المهروس والزنجبيل، ثم يوضع لحم السمك المفَتّت مع مجموعة من البهارات الإماراتية التقليدية مثل الكركم والكزبرة المطحونة والكمون والهيل والبهار المشكل والقرفة والليمون الأسود المطحون، وتُضاف قرون الفلفل الحار المفروم لمنح الطبق نكهة مميزة، وفي نهاية الطهي يُعصر الليمون الطازج وتُضاف الكزبرة الطازجة لتكتمل النكهة.
ويُقدَّم الجشيد عادة مع الأرز الأبيض المفلفل أو الخبز العربي، وتُزين أطباقه بشرائح الليمون وأوراق الكزبرة الخضراء، ما يمنحه مظهرًا جاذبًا ورائحة شهية تميزه عن غيره من الأكلات، ويعتبر هذا الطبق رمزًا للتراث البحري الإماراتي الذي لا يزال حاضرًا في الحياة اليومية رغم تطور أساليب الطهو الحديثة.
ويؤكد انتشار الجشيد على استمرار العلاقة الوثيقة بين الإماراتيين وموروثهم الغذائي، فهو ليس مجرد وجبة بل يمثل ذاكرة جماعية تحكي عن حياة البحر والعمل الشاق وروح التعاون التي سادت المجتمع قديمًا، ليبقى الجشيد حاضرًا في المائدة الإماراتية كرمز للأصالة والتاريخ.
المصدر: العين الإخبارية