الأحد 1447/05/04هـ (26-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » ليبيا » مرئي » الطعام » الفتات الليبي وجبة تقليدية تحافظ على المذاق الشعبي في الجنوب والجبل

الفتات الليبي وجبة تقليدية تحافظ على المذاق الشعبي في الجنوب والجبل

يحافظ سكان الجنوب الليبي وسكان الجبل الغربي على إرثهم الغذائي الشعبي عبر أكلة “الفتات” التي تعد من أبرز الأطباق التقليدية المتوارثة في تلك المناطق، إذ تجمع هذه الوجبة بين البساطة في المكونات وغنى النكهات، وتقدم عادة في المناسبات العائلية والاجتماعية كرمز للكرم والضيافة، ويعرفها البعض في الغرب الليبي باسم “الفطيرة” نظرًا لتشابهها في الشكل وطريقة التقديم.

يرتبط إعداد الفتات ارتباطًا وثيقًا بالعادات الريفية القديمة التي تعتمد على ما توفره البيئة المحلية من مكونات طبيعية بسيطة، إذ يُحضَّر هذا الطبق أساسًا من رقائق الخبز الرقيق المصنوع من دقيق القمح، وقد يُخلط القمح بنسبة قليلة من الطحين لمنحه مرونة عند العجن، ثم يُطهى الخبز في التنور الشعبي أو فوق الحماس حتى يكتسب لونه الذهبي المائل إلى البني ويصبح مقرمشًا ومناسبًا لتحمل المرق واللحم لاحقًا.

ويُحضَّر الطبيخ الذي يرافق الفتات بعناية كبيرة، حيث يتكون من مزيج من الخضروات مثل البصل والبطاطا والطماطم والفلفل، بالإضافة إلى البقوليات وخاصة الحمص الذي يمثل عنصرًا رئيسيًا في الطبق، كما يضاف اللحم غالبًا من لحم الضأن أو الدواجن تبعًا لتوافر المكونات، ثم يُطهى هذا الخليط على نار هادئة حتى يكتسب القوام السميك والطعم الغني الذي يميز المرق الليبي التقليدي.

وعند التقديم، تُسكب طبقات المرق واللحم على رقائق الخبز بالتتابع، حيث توضع الطبقة الأولى من الطبيخ في قاع الصحن، تليها طبقة من الخبز المقطع، ثم تُضاف طبقة جديدة من المرق والخضروات، وتُكرر العملية حتى يمتص الخبز النكهات كافة ويصبح لينًا وغنيًا بالطعم، وتوضع في الأعلى قطع اللحم والخضروات لتشكل مظهرًا جاذبًا يعكس روح المائدة الليبية.

ويُعد الفتات طبقًا جامعًا لأفراد العائلة، إذ يقدم عادة في صحن كبير يوضع في وسط المائدة، ويتشارك الجميع في تناوله مباشرة، ما يجعله رمزًا للتلاحم الأسري والاجتماعي، وتنتشر هذه العادة بشكل أوسع في مناطق مثل سبها وغات وغريان ونالوت، حيث يحافظ السكان على طرق التحضير التقليدية نفسها منذ أجيال.

وتحمل الأكلة مكانة خاصة في فصل الشتاء لما تحتويه من سعرات حرارية عالية تساعد على مواجهة البرد، كما تعتبر من الأكلات التي تعبر عن الهوية المحلية لسكان الجنوب والجبل الغربي، وتظهر مدى التنوع في المطبخ الليبي بين الشمال والجنوب والغرب، إذ تختلف النكهات باختلاف المناخ والعادات الغذائية لكل منطقة.

الفتات الليبي ليس مجرد وجبة تقليدية بل يمثل ذاكرة الطهو الشعبي الذي يعكس العلاقة بين الإنسان وبيئته، كما يبرز قدرة المجتمع الليبي على الحفاظ على تراثه الغذائي رغم التحولات الاجتماعية الحديثة، ليبقى طبق الفتات حاضرًا على المائدة كدليل على الأصالة والهوية.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار