الأثنين 1447/05/05هـ (27-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » الطعام » “شخشوخة الظفر”.. طبق قسنطينة التراثي يوحد الموائد الجزائرية في رمضان

“شخشوخة الظفر”.. طبق قسنطينة التراثي يوحد الموائد الجزائرية في رمضان

تحتفظ المائدة الجزائرية بمكانة مميزة في ذاكرة العائلات، إذ تواصل أطباقها التقليدية لعب دور أساسي في جمع الناس حول الطعام رغم تغير نمط الحياة، وتبقى “شخشوخة الظفر” واحدة من أبرز هذه الأطباق التي تحولت من وجبة يومية إلى رمز شعبي يعبر عن هوية المجتمع الجزائري وروح لمته العائلية، خصوصاً في شهر رمضان.

تميز الجزائريون منذ القدم بتخصيص أطباق معينة لكل مناسبة، فلكل عيد أو موسم أو لقاء عائلي طبق خاص، وصار ذلك عرفاً اجتماعياً متوارثاً لا يمكن تجاوزه، ويؤكد الجزائريون أن الأكل ليس مجرد حاجة بيولوجية بل طقس اجتماعي يعيد الألفة بين الأقارب والأصدقاء مهما باعدت الظروف بينهم.

أصبح الاجتماع العائلي في الجزائر أقل تكراراً بسبب ضغوط الحياة والعمل، لكن المطبخ الشعبي ما زال يحافظ على دوره في توحيد العائلة، فالعديد من الأسر ترى في الطبخ التقليدي وسيلة لصلة الرحم ولمّ الشمل، إذ يجتمع الجميع حول طبق واحد يتبادلون فيه الحديث والطعام بروح بسيطة وطيبة، ويعتبرون أن “النية الصافية” هي المذاق الحقيقي للأكل.

طبق شخشوخة الظفر التقليدي الجزائري

وتعد “الشخشوخة” أحد أكثر الأطباق شعبية وانتشاراً، وتتوحد حولها كل مناطق الجزائر رغم اختلاف طرق تحضيرها، فهي بالنسبة لكثيرين طبق لا يُستغنى عنه، خصوصاً في رمضان، لما يحمله من نكهة حارة ومذاق غني بالبهارات والصلصة، ويقول الجزائريون عنها إنها “الوجبة التي لا تُقاوَم ولا مكان فيها للريجيم”.

لا توجد دراسات دقيقة تحدد أصل الشخشوخة، لكنها تُنسب إلى العرب والأمازيغ على السواء، وتُحضر عادة من رقائق العجين المطهية مع صلصة حمراء تحتوي على اللحم والحمص والفلفل الحار، وتذكر بعض الروايات أن ظهورها ارتبط بصراع اجتماعي قديم، حيث ابتكرها الفقراء رداً على أكلة الأغنياء المعروفة باسم “المصوّر”، لتتحول مع الوقت إلى رمز للمساواة وتعبير عن كرامة البسطاء.

وتشتهر مناطق الشرق الجزائري بعدة أنواع من الشخشوخة، مثل الشاوية والمسيلية والبوسعادية والبسكرة، غير أن “شخشوخة الظفر” في قسنطينة تبقى الأكثر شهرة وتميزاً، إذ تحمل طابعاً خاصاً في الشكل والطهي، وتعرف بأنها “علامة المطبخ القسنطيني” الذي يحتفظ بأسرار تقاليده منذ قرون.

تعود تسميتها إلى طريقة تحضير العجين، حيث تُقطع رقائق صغيرة بواسطة الأظافر لتأخذ شكل الظفر، ثم تُطهى على “طاجين الطين” أو “طاجين الحديد”، وهي أدوات تقليدية مقاومة للحرارة تمنح العجين نكهة خاصة. وتُقدَّم الشخشوخة عادة في إناء كبير يُوضع في وسط المائدة، فيأكل الجميع منها بملعقة واحدة أو بأيديهم كما جرت العادة، في مشهد يرمز إلى الوحدة والمشاركة.

تحافظ “شخشوخة الظفر” على مكانتها في المطبخ الجزائري كوجبة تجمع بين التراث والطابع الاجتماعي، فهي ليست مجرد طعام بل تقليد متجذر يذكّر الأجيال بأن الأكل وسيلة للتماسك الاجتماعي، ومرآة تعكس تاريخ الجزائر وثقافتها عبر نكهاتها وطقوسها العائلية.

المصدر: العين الإخبارية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار