السبت 1447/06/01هـ (22-11-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الكويت » مادي » المعالم التاريخية » مدفع الإفطار الكويتي.. إرث تاريخي يعانق حداثة الزمن

مدفع الإفطار الكويتي.. إرث تاريخي يعانق حداثة الزمن

تستقبل سماء الكويت، مع غروب شمس كل يوم من شهر رمضان المبارك، دوي قذيفة مدفع الإفطار، التي لم تعد مجرد إشارة إلى موعد فك الصيام، بل غدت رمزاً متجدداً يحمل في طياته صدى تاريخ طويل، وذكريات حية لأجواء روحانية ارتبطت بأصالة التراث الكويتي، وجمالياته الأصيلة التي تتجسد في هذا الشهر الفضيل.

شهدت الكويت انطلاقة هذا التقليد العريق في عام 1907، تحديداً في عهد الشيخ مبارك الصباح، الذي كان الحاكم السابع للبلاد آنذاك، وقد كان المدفع هو الوسيلة الأبرز والأكثر فعالية لإعلام الأهالي بحلول موعد الإفطار، في فترة سبقت انتشار الإذاعات، وتطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة.

كان المدفع يُطلق بشكل أساسي من قصر السيف، الذي يُعد منارة تاريخية بارزة في الكويت، حيث كان صوته القوي يمثل إعلاناً رسمياً لجمع الأسر حول موائدها، وهم ينتظرون تلك اللحظة الرمضانية الفارقة التي تعلن نهاية يوم الصوم.

تواصل هذا الموروث الحي ليومنا هذا، متجاوزاً بذلك كل التطورات التقنية السريعة التي طرأت على الحياة، ورغم توفر الوسائل الحديثة للإعلان عن موعد الإفطار، مثل الإذاعات، والقنوات الفضائية، وأصوات الأذان التي تصدح من المساجد بدقة عالية، إلا أن دوي المدفع لا يزال يحظى بمكانة خاصة جداً في قلوب الكويتيين.

مدفع الإفطار يُدوّي في الكويت منذ 112 سنة - الراي

ولا يزال المدفع يُطلق بانتظام في مواقع محددة، ويأتي قصر نايف في مقدمتها، وذلك بغية المحافظة على استمرارية هذا الإرث الرمضاني الذي يُعد جزءاً أصيلاً من الذاكرة الجماعية.

أعلنت الكويت عن خطوة هامة تعكس مدى حرصها على تعزيز وإحياء هذا التقليد التاريخي الأصيل، حيث أضيفت هذه السنة مدفعان جديدان ليشاركا مدفع قصر نايف في مهمته الرمزية، وقد تم اختيار القصر الأحمر بمنطقة الجهراء ليكون موقعاً لأحدهما، فيما خصص مول الخيران بمدينة صباح الأحمد ليكون موقعاً للمدفع الآخر، مشكلين بذلك امتداداً جغرافياً ورمزياً يصل شمالي الكويت بجنوبيها.

لم يقتصر هذا التوسع على مضاعفة البهجة أو الرمزية فحسب، بل أسهم في جعل طقس مدفع الإفطار أقرب إلى نفوس المواطنين والمقيمين في شتى أنحاء البلاد ومناطقها المختلفة، ليظل صوته شاهداً حياً على تمسك الكويت بجذورها العميقة، وقيمها الأصيلة، في خضم التغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم.

تبقى طلقات المدفع إعلاناً لا يمحى، بأن هذا البلد يحمل تاريخاً مجيداً لا يزال ينبض حيوية في وجدان أبنائه، محافظاً على هويته الثقافية والتراثية الغنية، التي تتجلى أبهى صورها في شهر رمضان المبارك.

المصدر: القبس

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار