ارتبطت الثقافة الحسانية ارتباطًا وثيقًا بزي تقليدي مميز عن غيره من الألبسة الصحراوية، وقد انتشر هذا اللباس الخاص بالرجال، والمتمثل في “الدراعة”، انتشارًا واسعًا لدى المجتمعات الصحراوية عمومًا، ولدى المجتمع التندوفي في الجزائر خاصة، الأمر الذي جعله أيقونة للهوية.
ظل سكان تندوف متمسكين بلباسهم التقليدي العريق منذ القدم، والذي يعكس أناقتهم ووقارهم، حيث يلبسونه في كل المناسبات الوطنية والاحتفالات والأعياد الدينية والاجتماعية، ما يؤكد مكانته الرفيعة، وهي ليست مجرد ثوب بل قطعة من التراث.
تُعدّ “الدراعة” لباسًا عربيًا فضفاضًا ومريحًا للغاية، وهي مشقوقة من الجانبين بفتحات واسعة، وتتدلى منها طُروز وزخارف يدوية مُتقنة، وقد تفنن في حياكتها الخياط التقليدي في تندوف، الأمر الذي يظهر مهارة الحرفيين المحليين.
يكثر استعمال اللباس التقليدي في تندوف في جميع المناسبات الاجتماعية الكبرى، ما عدا في أماكن العمل الرسمية، وهو تباين عن المجتمع الموريتاني المجاور، الذي يرتدي جُلّ أفراده “الدراعة” في أماكن العمل دون قيود، ما يشير إلى اختلاف العادات.
يؤكد بعض الموظفين الموريتانيين أن ارتداء “الدراعة” الفضفاضة في بيئة العمل لا يعيق من أدائهم أو حركتهم على الإطلاق، بل يوفر لهم راحة تتناسب مع طبيعة الطقس الحار، ما يجعلها زيًا عمليًا بامتياز، ما يعكس أهميتها الوظيفية.
يمتاز سكان تندوف منذ القدم بارتداء لباس مميز، وله خصوصية تجعل من مرتديه مغايرًا للآخرين ومحافظًا على لباسه المحلي، والذي تشترك فيه أجناس أخرى، كشعب موريتانيا والصحراء الغربية، وبعض المناطق الجزائرية القليلة، الأمر الذي يجعله رمزًا للمنطقة الصحراوية.
تُعتبر “الدراعة” لباسًا صحراويًا فضفاضًا ومشروخًا من الجانبين، وهي تتلاءم بشكل مثالي مع الطبيعة الصحراوية المتسمة بالحرارة العالية، وقد توارث ارتداء “الدراعة” سكان تندوف أباً عن جد، ما يثبت أصالتها في المنطقة.
تُصنع “الدراعة” من قماش رقيق وناعم يُسمى “بزاه”، وتتركز ألوانها الأكثر استعمالاً بين الدراعة الخضراء التي تميل فعليًا إلى اللون الأزرق، حيث اعتاد السكان في تندوف على تسمية اللون الأزرق باللون الأخضر، فيقولون “هذي دراعة خضرة” أي زرقاء.
تتميز “الدراعة” بكثرة طُروزها المتقنة والجميلة، التي تستقر على الرقبة وتتدلى حتى الجيب الأمامي، ما يضفي عليها فخامة، وكلما كانت “الدراعة” أكثر طرزًا وأوسع حجمًا، أي بلغة السكان “دراعة ظافية”، كلما كانت الأجود والأكثر إقبالاً عليها، ما يرفع من قيمتها.

يُلاحظ عزوف نسبي عن ارتداء “الدراعة” من طرف الشباب، واختيارهم لأنواع أخرى من الألبسة التقليدية القادمة من تمنراست وإليزي، والمعروفة باسم “قزنير”، إلا أن “الدراعة” تبقى بشموخها متصدرة ومحافظة على مكانتها بين كل الألبسة، مهما كان ثمنها وشكلها، ما يبرهن على أصالتها.
يرتبط ارتداء الدراعة ارتباطًا وثيقًا بسروال يُسمى بلهجة السكان “سروال أستم”، وهو سروال عربي أصيل فضفاض، يوجد بأنواع شتى، منها الطويل والقصير، الواصل للركبتين أو لمنتصف الساقين، ما يوفر خيارات متنوعة.
يُصنع “سروال أستم” عادة من قماش ناعم ورقيق، وبه طُروز تتدلى من الأعلى إلى الأسفل بشكل زخرفي متناسق، وله حزام يسمى “لكشاط”، يُصنع تقليديًا من جلد البعير الطبيعي، الأمر الذي يضيف لمسة تراثية أصيلة.
ارتبطت “الدراعة” ارتباطًا متيناً بسكان تندوف، وظلت تحافظ على مكانتها كثوب تقليدي رئيسي للرجل التندوفي، وهي ثوب فضفاض يتميز بفتحتين واسعتين على الجانبين في الوسط، وجيب واحد على الصدر، ما يجعلها قطعة عملية ومميزة.
يُصنع الثوب عادة من القطن الطبيعي، ويسمح نمط تصميم “الدراعة” بامتصاص العرق بكفاءة ودخول الهواء إلى الجسم، ما يقلل الشعور بالحرارة، كما يسمح التصميم بأن لا يتسخ هذا الثوب بشكل سريع، وهي عادة ما تكون بأحد اللونين الأبيض أو الأزرق، ما يجعله زيًا مثاليًا للصحراء.
يتم جلب “الدراعة” أحيانًا خاصة في مناسبات الأعياد الكبرى من دولة موريتانيا المجاورة، ويصل ثمن “الدراعة” الغالية إلى 35 ألف دينار جزائري، وقد يفوق هذا المبلغ، ورغم ارتفاع سعرها، إلا أن الإقبال عليها يبدو كبيرًا من طرف سكان تندوف الذين يقدرون قيمتها.
يختلف سعر الدراعة بشكل كبير حسب نوعية القطن المصنوعة منه وجودته، ونوعية التطريز اليدوي المستخدم، إذ تعتبر جودة التطريز عاملًا مهمًا وحاسمًا في تحديد سعرها وقيمتها الفنية الإجمالية، ما يبرز أهمية الحرفية في تحديد السعر.
المصدر: المساء