الأحد 1447/05/04هـ (26-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » المغرب » مرئي » الآثار » باب أكناو في مراكش شاهد حي على عبقرية العمارة الإسلامية التاريخية

باب أكناو في مراكش شاهد حي على عبقرية العمارة الإسلامية التاريخية

افتتح الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي الكومي عصرًا جديدًا في تاريخ مدينة مراكش وأسس باب أكناو كمدخل رئيسي للقصبة الملكية، ففصل بين المدينة القديمة وبقية الأحياء، وشيد البوابة في الفترة بين 1188 و1190 ميلادي، مزودًا الأبراج المحصنة ودهليز مقبب يضطر الداخل للدوران بزاوية 90 درجة قبل الخروج، وكان التصميم الأصلي مشابهًا لبوابات الموحدين الأخرى مثل باب الرواح في الرباط، فيما احتفظت البوابة بزخارفها الحجرية الغنية التي تعكس فن العمارة الموحدية وتظهر روعة النقوش الهندسية والدينية.

استُخدم الحجر الرملي المستخرج من منطقة جليز في تشييد الواجهة الخارجية للبوابة، وزُين القوس الأصلي بأشرطة نصف دائرية متناوبة بين الخطوط المشعة والزخارف المتشابكة، فيما احتلت الزوايا زخارف نباتية مركزها صدفة منحوتة بعناية، وأُحاطت جميعها بإفريز طويل نقش عليه مقتطف من القرآن الكريم بالخط الكوفي المورق من سورة الحجر، كما أضيفت أعمدة جانبية للواجهة يعتقد أنها كانت تدعم مظلة أو شكلت انتقالًا زخرفيًا بين البوابة والحصون المحيطة بها، ما منح المكان توازنًا بين الوظيفة الدفاعية والجمال الفني.

undefined

أدى باب أكناو دورًا بارزًا في الحياة الاجتماعية والثقافية لمراكش، فقد عبره السكان والجنود والقادة والموكب الرسمي، وشهد حفيف الأثواب ورنة حوافر الخيول وصخب الأسواق، فيما أصبح رمزًا محليًا معروفًا حتى أن صورته طُبعت على أوراق العملة المغربية في عهد الملك محمد الخامس، وكان اسمه أمازيغي الأصل «أگناو» ويعني الأبكم، وأُطلق على العناصر غير المفهومة لغويًا بين السكان، ما أضفى بعدًا لغويًا وتاريخيًا للبوابة يعكس تداخل الثقافات في المدينة.

شهد الباب تغييرات مع الزمن، فاختفت الأبراج المحيطة والدهليز الأصلي واستبدل القوس الجزئي بقوس أصغر مبني من الطوب، وربما تعود هذه التعديلات لعهد السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله الذي أضاف فناءً صغيرًا خلف البوابة، مع الحفاظ على الزخارف الحجرية المنحوتة، وهو ما جعل الباب يجمع بين التراث الموحدي والتطويرات العلوية، ويظل شاهدًا حيًا على التطور العمراني والثقافي في مدينة مراكش ويعكس براعة الإنسان في الدمج بين الدفاع والجمال.

يعد باب أكناو اليوم من أبرز المعالم التاريخية والسياحية في مراكش، ويجذب الباحثين والزوار المهتمين بالعمارة الموحدية والزخارف الإسلامية، كما يربط بين القصبة وبقية المدينة القديمة، ويبرز أهمية الحفاظ على التراث المغربي للأجيال القادمة، ويجسد تداخل التاريخ والعمارة والفن الإسلامي في إطار حضاري فريد، ويؤكد مكانة مراكش كمدينة تجمع بين الجمال الفني والقوة الدفاعية والتاريخ العريق.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار