الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » فلسطين » مرئي » الطعام » قلبها صلاح الدين في القدس.. الأكلة “الباذنجانية” تثور وتتحول إلى سيدة المائدة الشامية

قلبها صلاح الدين في القدس.. الأكلة “الباذنجانية” تثور وتتحول إلى سيدة المائدة الشامية

ارتقت “المقلوبة” لتصبح أيقونة المطبخ الشامي والعراقي، إذ تعد طبقاً رئيسياً وشعبياً يحظى بمكانة خاصة في الوجدان العربي، فهي ليست مجرد أرز وخضار ولحم، بل قصة تاريخ ونكهات متراكمة.

تتميز هذه الأكلة بتكوينها المتفرد الذي يجمع بين الأرز والحم، سواء كان لحم الضأن أو الدجاج، مع خضراوات مقلية متنوعة تُنظم بطريقة تسمح بـ”قلبها” في نهاية الطبخ، ما منحها اسمها الشهير، يعود أصل المقلوبة تاريخياً إلى فلسطين، ولكنها تشتهر أيضاً في كل من سوريا، والأردن، والعراق.

تتكون المقلوبة بشكل أساسي من طبقات من الأرز، والخضراوات المقلية التي يمكن أن تكون الباذنجان، أو القرنبيط، أو البطاطا، أو الفول الأخضر، وقد يُستخدم مزيج من هذه الخضروات لإثراء المذاق.

يُقدم هذا الطبق عادةً مرفوقاً باللبن أو الزبادي البارد، أو مع السلطة العربية الطازجة التي تتكون من الطماطم، والخيار، والبقدونس، والخس، وعصير الليمون المنعش، لتوفير توازن بين الدسم والحموضة.

يُلاحظ أن وصفات مشابهة للمقلوبة وردت في كتب تاريخية قديمة، مثل “كتاب الطبيخ للبغدادي” و”كتاب الطبيخ لابن الورَّاق”، ما يدل على جذورها التاريخية العميقة.

تُروى قصة مشهورة تعود إلى تاريخ فتح القدس على يد القائد صلاح الدين الأيوبي، وهي التي منحت الطبق اسمه الحالي الذي ما زال يُستخدم حتى اليوم، فقد كان الطبق يُعرف سابقاً باسم الباذنجانية.

تذكر المصادر أن أهالي مدينة القدس قدموا الطعام إلى صلاح الدين وجنوده احتفالاً بالنصر والفتح، وهي عادة إسلامية في هذه المناسبات العظيمة، وكان طبق الباذنجانية بين الأطعمة المقدمة.

وأُعجب صلاح الدين بهذا الطبق كثيراً بعد أن أكل منه، وسأل عن اسمه واصفاً إياه بـ “الأكلة المقلوبة”، نسبة إلى طريقة تقديمها بقلبها في أواني التقديم أمام الضيف.

تتعدد طرق تحضير المقلوبة وتختلف باختلاف المنطقة والتفضيلات الشخصية، لكن المبدأ الأساسي يبقى ثابتاً، وهو الترتيب الطبقي للمكونات في وعاء واحد.

المقلوبة الفلسطينية وعلى اصولها بطريقة سهلة وبسيطة والطعم ولا اطيب - YouTube

يبدأ التحضير بتقطيع البصل لقطع متوسطة، ثم يُضاف إلى وعاء الطبخ مع القليل من زيت الزيتون، ويُحرك على نار متوسطة لمدة دقيقتين حتى يذبل، يُضاف بعد ذلك الدجاج أو اللحم ليُنضج قليلاً مع البصل والزيت، وتضاف في هذه الأثناء البهارات الخاصة بالمقلوبة وملعقة متوسطة من الملح لتعزيز النكهات.

يُضاف الماء إلى وعاء الطبخ لغلي الدجاج أو اللحم حتى ينضج تماماً، وفي الوقت نفسه، يتم قلي الخضراوات التي ستُستخدم في الطبق.

يُقلى الباذنجان أو القرنبيط (المعروف في الأردن وفلسطين باسم “الزهرة”) بعد تقطيعه إلى قطع متوسطة وغسله جيداً، وهي عملية القلي التي تمنح الخضروات قوامها وطعمها المميز.

يُضاف القرنبيط المقلي إلى الدجاج المغلي ليتم تغطيسه في الماء المغلي ويصبح طرياً أكثر، وهو ما يضمن نضج جميع المكونات بالتساوي.

يمكن إضافة خضراوات أخرى مقلية حسب الذوق، مثل شرائح الطماطم وقطع البطاطا، ويتم غلي جميع المكونات مع الخضروات لمدة تصل إلى 15 دقيقة، للسماح للنكهات بالامتزاج مع بعضها البعض.

يُضاف في الخطوة النهائية الأرز الذي يكون قد نُقع في الماء لمدة ساعة على الأقل، وهذه الخطوة ضرورية لضمان نضج الأرز بشكل متساوٍ ولين.

تُغلى جميع المكونات حتى يجف الماء وينضج الأرز، حيث يتم ضبط حرارة جهاز الطبخ لتكون متوسطة في البداية ثم تُخفض إلى أقل درجة ممكنة لضمان النضج البطيء والكامل.

تُعتبر لحظة قلب المقلوبة في وعاء التقديم الخاص بها هي ذروة العملية، حيث تتكشف الطبقات المرتبة، لتظهر الطبق بشكل هرمي متماسك وشهي، يُمكن تزيين الطبق بـاللوز والصنوبر المحمصين، وهما إضافتان تمنحان الطبق قرمشة مميزة وطعماً غنياً، كما في وصفة مقلوبة الباذنجان التي تصل سعراتها الحرارية إلى حوالي 640 سعرة حرارية للوجبة الواحدةـ تُقدم المقلوبة دائمًا مع اللبن البارد أو السلطة، كتقليد لا يمكن التخلي عنه يكمل تجربة هذا الطبق الشامي العريق.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار