تُعدّ مدينة ماري الأثرية، أو تل الحريري، كنزًا تاريخيًا فريدًا من نوعه، يقع في محافظة دير الزور بشرق سوريا، وهي ليست مجرد مدينة قديمة، بل هي عاصمة مملكة ماري، التي قامت في سوريا في العصر البرونزي حوالي عام 2900 قبل الميلاد، وهذا يمنحها مكانة خاصة، ويُبرز دورها المحوري في تاريخ المنطقة، فكل زاوية في المدينة، تروي قصة عن الملوك، والملكات، والكهنة، الذين حكموا المنطقة، وتركوا بصماتهم على وجه الأرض.
ازدهرت المدينة كأحد أهم المراكز التجارية، في الفترة بين 2900 و1759 قبل الميلاد، حيث كانت تُشكل نقطة التقاء للطرق التجارية، بين بلاد الرافدين، وبلاد الشام، ومصر، وهذا يؤكد على أهميتها الاقتصادية، والاستراتيجية، في تلك الفترة، فقد كانت مركزًا لتصدير المنتجات المحلية، واستيراد السلع من جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهذا يبرز دورها في التجارة العالمية، ودعم اقتصاد المنطقة.
تُظهر بقايا المدينة الأثرية في ماري، مثل القصور، والمعابد، والمساكن، براعة المعماريين، والفنانين، القدماء، في بناء منشآت ضخمة، ومتينة، قادرة على الصمود أمام عوامل الزمن، والظروف البيئية، فكل قصر، وكل معبد، يروي قصة عن الجهد، والإبداع، الذي بذله الإنسان القديم في بناء حضارته، وهذا يؤكد على أن المنطقة كانت مركزًا حضاريًا، وثقافيًا، مهمًا.
تُظهر الألواح المسمارية، التي وُجدت في الموقع، تفاصيل الحياة اليومية للملوك، والكهنة، في تلك الفترة، فالمراسلات الرسمية، والعقود التجارية، والوثائق الإدارية، تُساعد الباحثين في فهم العادات، والتقاليد، التي كانت سائدة في تلك الحقبة، وتُعطي نظرةً ثاقبةً على الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، للمنطقة، ودورها في تطور الحضارة الإنسانية.
بفضل أهميتها التاريخية، والأثرية، تمّ إدراج ماري (تل الحريري) في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، وهذا الاعتراف الدولي يُؤكد على القيمة الاستثنائية للموقع، وضرورة الحفاظ عليه، وصيانته، ليبقى للأجيال القادمة، وهذا يُعزّز مكانة سوريا كدولة غنية بالتراث، والتاريخ، ويُبرز دورها في الحضارة الإنسانية.
المصدر: اليونسكو