السبت 1447/05/03هـ (25-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » العراق » مرئي » المعالم التاريخية » قلعة كركوك.. حصن منيع فوق تل أثري يروي حكايات التاريخ في قلب العراق

قلعة كركوك.. حصن منيع فوق تل أثري يروي حكايات التاريخ في قلب العراق

في قلب مدينة كركوك العراقية، وعلى تلة مرتفعة تشرف على المدينة بأسرها، تقف قلعة كركوك شامخة، إنها ليست مجرد قلعة عادية بل هي أقدم جزء من المدينة، وحصن تاريخي يحمل بين جدرانه قصص آلاف السنين، كما تعد شاهداً حياً على تعاقب الحضارات التي مرت من هنا، وتركت بصماتها العميقة على هذه الأرض.

يذهب الباحثون إلى أن القلعة بُنيت على تل أثري يعود إلى عهد الملك الآشوري آشور ناصربال الثاني، الذي حكم في الفترة بين عامي 884 و 858 قبل الميلاد، مما يجعلها واحدة من أقدم المواقع الأثرية في العراق، وقد شهدت القلعة العديد من التغييرات والتجديدات عبر العصور، لتأخذ شكلها الحالي.

الثقافة العراقية": إدراج قلعة كركوك على لائحة التراث التمهيدية لليونسكو - اليوم السابع

أما أقدم التحصينات الدفاعية في القلعة فتعود إلى عهد سلوقس الأول، مؤسس الأسرة السلوقية الحاكمة، الذي أمر ببناء متراس دفاعي ومجموعة من الأبراج، وذلك لتعزيز حماية المدينة، وتأمينها من الهجمات المحتملة، وقد كانت هذه التحصينات نواة القلعة التي نعرفها اليوم، ومهدت الطريق لإنشاء القلعة الحالية.

تعود القلعة الحالية بشكلها الذي نراه اليوم إلى الفترات الإسلامية اللاحقة، وخاصة العهد العثماني، الذي شهد توسعات وإضافات كبيرة للقلعة، مما جعلها حصناً منيعاً لا يمكن اختراقه، ومقراً للحكم والإدارة في المدينة، وقد حافظت على هذه المكانة لقرون طويلة.

أدركت منظمة اليونسكو القيمة التاريخية والثقافية لهذه القلعة، وأدرجتها ضمن قائمتها الإرشادية المؤقتة، تحت اسم “قلعة كركوك”، وهو ما يؤكد على أنها جزء لا يتجزأ من التراث الإنساني، وأنها تمثل ذاكرة حية لتعاقب الحضارات، وتفاعلها معاً، مما أثرى تاريخ المنطقة بأكملها.

تتميز القلعة بتصميمها المعماري الفريد، حيث تحيط بها أسوار عالية وأبراج ضخمة، مما يجعلها قادرة على صد أي هجوم، كما أنها تحتوي على مجموعة من المباني الأثرية، مثل المساجد والكنائس والأسواق، التي تعكس التنوع الثقافي والديني للمدينة، وتؤكد على عمق تاريخها.

إن زيارة قلعة كركوك ليست مجرد جولة سياحية عابرة، بل هي رحلة استكشافية إلى أعماق التاريخ، حيث يمكن للزائر أن يتجول بين أزقتها الضيقة، ويتأمل في فنونها المعمارية، ويشعر بعظمة الملوك والحكام الذين بنوها، وبالحضارات التي مرت من هنا وتركت بصماتها.

يعد الحفاظ على هذا الموقع الأثري تحدياً كبيراً، حيث تتطلب القلعة جهوداً مستمرة للحماية من عوامل التعرية والتغيرات البيئية، وذلك لضمان استمرار هذا الكنز للأجيال القادمة، كما يتطلب الحفاظ عليه تعاوناً دولياً لضمان بقاء هذا الإرث الإنساني المشترك.

المصدر: جريدة الصباح

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار