الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » المعالم التاريخية » مسجد قجماس الإسحاقي.. “أبو حريبة” شاهد معماري على أصالة العصر المملوكي في القاهرة التاريخية

مسجد قجماس الإسحاقي.. “أبو حريبة” شاهد معماري على أصالة العصر المملوكي في القاهرة التاريخية

 

يشهد حي الدرب الأحمر في القاهرة حضوراً مميزاً لمسجد قجماس الإسحاقي المعروف أيضاً باسم مسجد أبو حريبة، حيث شُيد هذا المسجد عام 1481 م على يد الأمير سيف الدين قجماس الإسحاقي أحد أبرز أمراء السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، ويأتي هذا الأثر ليعكس ازدهار العمارة المملوكية في نهايات القرن الخامس عشر الميلادي، ويؤكد على الدور الذي لعبه الأمراء في ترك بصمات خالدة عبر منشآت دينية وتعليمية ما زالت قائمة حتى اليوم.

يمثل المسجد نموذجاً فريداً لفن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي، إذ يجمع بين فخامة البناء ودقة التفاصيل الزخرفية، ويتميز بمئذنته التي تحمل الطابع المملوكي المعروف وبواجهته المزينة بالنقوش الحجرية والخشبية، كما يضم عناصر معمارية متكاملة مثل المحراب المزخرف والقبة والواجهات المزينة بالخط العربي، وهو ما جعل منه مقصداً للباحثين والدارسين لفنون العمارة الإسلامية.

يعكس بناء المسجد مكانة الأمير قجماس الإسحاقي الذي لعب دوراً سياسياً بارزاً في زمن السلطان قايتباي، فقد حرص على أن يكون المسجد ليس فقط مكاناً للصلاة وإنما مركزاً تعليمياً وثقافياً يخدم سكان المنطقة، وقد ارتبط المسجد تاريخياً بحياة سكان حي الدرب الأحمر الذين اعتادوا التردد عليه لممارسة الشعائر الدينية والتعلم في آن واحد، مما جعله جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الاجتماعية والحضارية للقاهرة.

بالصور: مسجد قجماس الأسحاقي الشهير بـ"أبو حريبة" وجامع الخمسين جنيه | مصراوى

دخل المسجد ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1979 باعتباره عنصراً أساسياً من عناصر القاهرة الإسلامية التي تضم مئات المعالم التاريخية الممتدة عبر العصور، ويمنح هذا التصنيف قيمة إضافية للمسجد ويؤكد أهميته في السياق العالمي للتراث الثقافي، كما يعزز من جهود الدولة في ترميمه والحفاظ عليه كأحد الشواهد الباقية على أصالة العمارة الإسلامية.

يعد المسجد محطة مهمة في مسار دراسة تطور العمارة المملوكية التي بلغت ذروتها في عهد السلطان قايتباي، إذ يجسد الأساليب الفنية الدقيقة التي اعتمدها الحرفيون آنذاك في النقش والزخرفة، كما يقدم مادة علمية قيمة لطلاب الآثار والفنون الإسلامية لفهم تقنيات البناء التقليدية التي اعتمد عليها المعماريون في القاهرة خلال تلك الفترة.

يسهم إدراج المسجد على قائمة التراث العالمي في دعمه كوجهة سياحية وثقافية، حيث يتوافد الزوار من مختلف دول العالم للتعرف على معالم القاهرة الإسلامية، ويمنحهم المسجد صورة متكاملة عن جماليات العمارة المملوكية التي ظلت حية رغم مرور أكثر من خمسة قرون، وهو ما يعكس مدى صمود هذه المعالم وقدرتها على البقاء شاهدة على التاريخ.

يظل مسجد قجماس الإسحاقي واحداً من أبرز المعالم التي تمثل مزيجاً من القيم الدينية والتعليمية والفنية، ويعزز وجوده داخل حي الدرب الأحمر من أهمية هذا الحي كأحد أهم المراكز التاريخية في القاهرة، كما يرسخ قيمة التراث الإسلامي الذي تحرص مصر على الحفاظ عليه باعتباره جزءاً لا ينفصل عن الهوية الوطنية والحضارية، ويؤكد في الوقت ذاته على المكانة العالمية للقاهرة كعاصمة للتراث الإسلامي.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار