الأثنين 1447/05/05هـ (27-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » زاوية سيدي عبد الرحمن الثعالبي ترسخ الهوية الدينية وتنال اعتراف اليونسكو

زاوية سيدي عبد الرحمن الثعالبي ترسخ الهوية الدينية وتنال اعتراف اليونسكو

 

تمثل زاوية سيدي عبد الرحمن الثعالبي أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في الجزائر، حيث تقع في قلب قصبة العاصمة الجزائرية وتشكل محطة أساسية في مسار التراث الروحي والثقافي للمدينة.

تأسست الزاوية خلال القرن الخامس عشر الميلادي على يد العالم والفقيه عبد الرحمن الثعالبي الذي ارتبط اسمه بالعلم والتربية الدينية، كما أنه مدفون داخل إحدى حجرات الزاوية التي ما زالت تحافظ على مكانتها بين سكان العاصمة وزوارها.

يعكس وجود الزاوية داخل القصبة التاريخية الدور الذي لعبته المؤسسات الدينية في تشكيل الهوية الثقافية للجزائر، فهي لم تكن مجرد مكان للعبادة، بل كانت مدرسة للعلوم الإسلامية تتبع الطريقة القادرية، وأسهمت عبر تاريخها الطويل في تكوين أجيال من العلماء والفقهاء، الأمر الذي جعلها مركزاً لنشر العلم الشرعي وترسيخ القيم الإسلامية في المنطقة، كما تحولت إلى فضاء يستقطب الباحثين عن المعرفة الروحية والدينية.

ضريح الثعالبي في الجزائر مزار الملوك وملاذ العوام | اندبندنت عربية

اكتسبت الزاوية بعداً عالمياً حين تم إدراجها سنة 1992 في قائمة التراث العالمي لليونسكو ضمن قصبة الجزائر، حيث يعد هذا الإدراج اعترافاً دولياً بأهمية المكان وما يحمله من قيمة حضارية ودينية، كما أنه يعكس حرص المجتمع الدولي على صون هذا التراث وصيانته من الاندثار، خاصة وأن الزاوية تمثل جزءاً لا يتجزأ من النسيج العمراني والثقافي للقصبة التي تحتضن العديد من المعالم الأخرى ذات الطابع التاريخي.

تحظى الزاوية بمكانة خاصة في الذاكرة الجماعية لسكان الجزائر العاصمة، فهي ليست فقط رمزاً دينياً بل أيضاً شاهداً على مراحل متعددة من تاريخ المدينة، إذ ارتبطت بمناسبات دينية واجتماعية عديدة، وأصبحت مقصداً للزوار الذين يقصدونها للتبرك والتأمل، إلى جانب الباحثين الذين يجدون فيها مادة ثرية لدراسة العلاقة بين الدين والثقافة في الجزائر، كما تسهم في تعزيز الهوية المحلية وترسيخ الروابط بين الأجيال من خلال استمرار حضورها الفعلي والرمزي.

تظل زاوية سيدي عبد الرحمن الثعالبي نموذجاً للتفاعل العميق بين البعد الديني والتاريخي في الجزائر، فهي تعكس صورة متكاملة عن دور الزوايا في تكوين المجتمعات وتوجيهها روحياً وثقافياً، كما تبرز قيمتها ضمن التراث العالمي الذي تسعى اليونسكو إلى حمايته وتثمينه، الأمر الذي يجعلها معلمًا جامعًا بين الماضي والحاضر، وبين المحلي والعالمي في آن واحد.

المصدر: إندبندنت عربية

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار