الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » مرئي » الآثار » دير سيدة القلعة في منجز شاهد تاريخي وتراثي على التقاليد المارونية القديمة

دير سيدة القلعة في منجز شاهد تاريخي وتراثي على التقاليد المارونية القديمة

 

بنى دير سيدة القلعة في قرية منجز بمحافظة عكار شمال لبنان ليكون مركزاً دينياً وروحياً يخدم المجتمع المحلي، وقد تم تأسيسه لأول مرة عام 1128 م خلال فترة الحروب الصليبية، حيث لعب دوراً مهماً كمكان للعبادة والتعليم، كما كان نقطة تلاقي للراهبات والمجتمع المحلي.

وقد تعرض الدير للدمار لاحقاً خلال العهد المملوكي نتيجة النزاعات العسكرية، ما استدعى إعادة بنائه عدة مرات، وكان آخر عمليات الترميم الكبرى في القرن التاسع عشر الميلادي لتستعيد البنية القديمة والوظائف الدينية للمكان.

ويتميز الدير بعماره الذي يعكس الطراز الماروني التقليدي، ويحتوي على مجموعة من الكنائس الصغيرة، والغرف المخصصة للسكن والخدمات الدينية، إضافة إلى الحدائق المحيطة التي تمثل جزءاً من الإرث الطبيعي للموقع، وقد ساهمت هذه الخصائص في ترشيحه كأحد العناصر المدرجة في القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو ضمن فئة “المعالم التاريخية والمواقع الطبيعية لقرية منجز”، حيث يمثل الدير نموذجاً حيّاً لتقاطع التراث الديني والتاريخي في المنطقة.

دير سيدة القلعة – منجز عكار…أجمل الأديار اللبنانية وشاهد على شفاء المرضى | الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة- لبنان

ويؤدي الدير دوراً ثقافياً واجتماعياً بارزاً، إذ يستضيف الأنشطة الدينية والاجتماعية التي تجمع سكان المنطقة، كما يتم تنظيم الاحتفالات والمهرجانات الدينية في المناسبات الخاصة، ويحرص المسؤولون عن الدير على نقل المهارات والمعرفة الدينية والتقليدية للأجيال الجديدة، الأمر الذي يعزز التماسك الاجتماعي ويضمن استمرار التراث الروحي والثقافي المرتبط بالموقع.

وتشير الدراسات التاريخية إلى أن دير سيدة القلعة كان جزءاً من شبكة واسعة من الأديرة المسيحية التي تأسست في شمال لبنان خلال العصور الوسطى، وقد ساهم في حماية السكان المحليين وتقديم الدعم الروحي والمعنوي في أوقات الصراع، كما لعب دوراً تعليمياً من خلال تدريس النصوص الدينية والفنون التقليدية، وهو ما يعكس أهمية الموقع في حفظ التراث الثقافي والديني على مدار القرون.

ويحظى الدير باهتمام الباحثين والمؤرخين الذين يدرسون تأثير الحروب الصليبية على البنية العمرانية والدينية في المنطقة، كما يُسهم الموقع في السياحة الثقافية الدينية من خلال استقطاب الزوار المهتمين بالتاريخ والعمارة والتراث الماروني، وهو ما يشجع السلطات المحلية على تنفيذ برامج صيانة مستمرة لضمان الحفاظ على هذا المعلم التاريخي وحمايته من عوامل التآكل والزمن.

ويشكل دير سيدة القلعة اليوم رمزاً لتاريخ المنطقة وتراثها الروحي، كما يمثل وجهة مهمة للتعرف على التقاليد المارونية القديمة، ويبرز العلاقة بين الدين والثقافة في شمال لبنان، ويعكس جهود المجتمع المحلي والجهات المعنية بالتراث للحفاظ على المواقع التاريخية كمصدر للمعرفة والثقافة والأمل للأجيال القادمة، مع إبراز دور لبنان كمهد للتراث المسيحي في الشرق الأوسط.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار