يمثل الملحون شكلاً شعرياً وموسيقياً شعبياً في المغرب يجمع بين الكلمات الموسيقية والإيقاعات التقليدية، ويعتمد على آلات مثل العود والكمان والربابة والطبول، ويغطي مواضيع متعددة تتراوح بين الحب والفرح إلى القضايا الاجتماعية والسياسية، كما يتضمن العديد من الدروس الأخلاقية التي تعزز القيم المجتمعية وتدعم الوحدة بين المغاربة، ويشكل الملحون وسيلة لنقل التراث الثقافي وإبراز الهوية المغربية عبر الأجيال المختلفة.
ويتم تعلم الملحون بشكل غير رسمي عبر التدريب المهني مع المطربين والموسيقيين وكتاب الأغاني، إضافة إلى الحرفيين الذين يصنعون الآلات الموسيقية والأزياء التقليدية المرتبطة به، كما ينقل اليوم أيضاً عبر المنظمات والمعاهد الموسيقية والمنشورات المتخصصة، ويعكس هذا التدريب العملي التفاعل بين الثقافة الشعبية والإبداع الفني، ويؤكد على الدور الحيوي للملحون في الحفاظ على الهوية الثقافية المغربية ونشر قيم التضامن الاجتماعي.
ويشير الخبراء إلى أن الملحون يعمل كسجل تاريخي للقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عاشها المغرب على مر القرون، ويبرز تجارب الأفراد والمجتمعات، كما يساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي عبر جمع الأشخاص حول تجربة موسيقية وشعرية مشتركة.
ويتيح هذا الفن الشعبي فرصة للتعبير عن القيم والمشاعر الجماعية بطريقة متميزة تجمع بين الجمال الفني والمعرفة الثقافية، ويعتبر أداة تعليمية للأجيال الجديدة للتعرف على تاريخ البلاد وثقافتها.
ويعتبر الملحون عنصراً فريداً من التراث الموسيقي المغربي لما يمتاز به من أسلوب شعري موسيقي متكامل، فهو يتطلب قدرة على الأداء والغناء مع مراعاة الإيقاع والنبرة والمعاني العميقة للكلمات، كما يشجع الفنانين الشباب على اكتساب مهارات موسيقية وشعرية متقدمة، ويعزز من تطوير المواهب المحلية ويحافظ على الاستمرارية الفنية عبر الأجيال، ويضمن ذلك نقل التقاليد بطريقة حية وقابلة للتكيف مع العصر الحديث دون فقدان أصالتها.
وقد ساهم إدراج الملحون في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي عام 2023 في تسليط الضوء على أهميته الثقافية والاجتماعية، كما شجع المبادرات المحلية على دعم المدارس والمراكز الموسيقية وتوثيق الأعمال الفنية، ويحفز ذلك على حماية هذا التراث من الاندثار ويعزز مكانة المغرب على المستوى العالمي في مجال الفنون الشعبية، كما يمثل اعترافاً دولياً بالقيمة الثقافية والفنية للملحون وإسهامه في تعزيز الهوية الوطنية.
المصدر: اندبندنت عربية