الأثنين 1447/03/23هـ (15-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » لبنان » غير مرئي » المعالم التاريخية » الزجل اللبناني فن تراثي يعكس صورة متكاملة عن المجتمع وقضاياه المختلفة

الزجل اللبناني فن تراثي يعكس صورة متكاملة عن المجتمع وقضاياه المختلفة

 

يُزهر فن الزجل اللبناني كأحد أبرز أشكال التعبير الشعبي الذي ارتبط بالحياة اليومية للبنانيين، حيث يُلقى في المناسبات الاجتماعية ويُغنى في الاحتفالات العامة والخاصة، ويتناول موضوعات متعددة مثل الحب والحنين والسياسة، ليعكس بذلك صورة متكاملة عن المجتمع وقضاياه المختلفة.

يُؤدى الزجل من قبل الرجال والنساء على حد سواء، ويُقدم بأسلوب فردي أو جماعي في مشاهد حوارية تعتمد على سرعة البديهة وقوة الارتجال، ويُظهر قدرة الشعراء على التعبير عن مشاعر الناس وتطلعاتهم بلغة قريبة من المتلقي، مما جعله يحتل مكانة خاصة في الثقافة اللبنانية ويُبرز قيمة الإبداع الشفوي الذي ما زال حاضرًا بقوة في الوجدان الشعبي.

أُدرج الزجل عام 2014 ضمن قائمة التراث غير المادي لليونسكو، وهو ما أعطاه بعدًا عالميًا وأكّد مكانته كرمز ثقافي بارز، كما عزز الاعتراف به ضمن الموروثات الإنسانية التي تستحق الحماية، وهو ما انعكس في دعم لبنان لمبادرات توثيقه ونشره وتأكيده كجزء أصيل من الهوية الوطنية.

تُقام منافسات شعرية ومهرجانات سنوية يشارك فيها الشعراء والموسيقيون، حيث تُلقى الأبيات الزجلية على أنغام الدف والدربكة وسط تفاعل جماهيري واسع، ما يُضفي على هذا الفن طابعًا احتفاليًا ويُعزز مكانته كوسيلة للتقارب الاجتماعي وللتواصل الثقافي عبر الأجيال.

يعكس الزجل تنوع المجتمع اللبناني وغنى بيئته الاجتماعية، إذ يتناول موضوعات ترتبط بالطبيعة والعلاقات الإنسانية والأحداث السياسية اليومية، وهو بذلك يُبرز القيم المشتركة والروابط العاطفية التي تجمع اللبنانيين في مواجهة تحدياتهم وظروفهم المختلفة.

تواجه ممارسة الزجل تحديات العصر الحديث مع هيمنة التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل، وهو ما أثر على مكانة الفنون الشفوية، لكن جهودًا متزايدة تُبذل للحفاظ على هذا التراث من خلال إدماجه في الفعاليات الثقافية وتشجيع الشباب على تعلمه، إضافة إلى توثيق النصوص الزجلية وتسجيلها لحمايتها من الاندثار.

تسعى لبنان إلى تعزيز حضور الزجل عالميًا عبر المهرجانات الثقافية وتبادل الخبرات الفنية، ويُشكل هذا الفن جسرًا بين الأجيال، حيث ينقل قصص الماضي إلى الحاضر ويبقى وسيلة للتعبير عن هوية اللبنانيين، كما أنه يجسد التنوع اللغوي والثقافي الذي يميز المجتمع.

تستمر الجهود المحلية والدولية لدعم هذا الفن وتأكيد مكانته كجزء من التراث الثقافي العالمي، ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مبادرات تعليمية وتوثيقية أكبر تساهم في حمايته، ليبقى الزجل شاهدًا على حيوية الثقافة اللبنانية ومخزونًا شعبيًا خالدًا يروي قصص الناس بلغة قريبة من قلوبهم.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار