الخميس 1447/04/03هـ (25-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الأردن » مرئي » الآثار » قلعة مونتريال بالأردن تكشف تاريخ الصليبيين وتنوع الحضارات

قلعة مونتريال بالأردن تكشف تاريخ الصليبيين وتنوع الحضارات

 

تتربع قلعة مونتريال، أو ما يُعرف بقلعة الشوبك، فوق تل مرتفع في وادي عربة بمحافظة معان جنوب الأردن، حيث شُيدت عام 1115 ميلادية بأمر من ملك القدس بلدوين الأول، لتكون واحدة من أهم القلاع الصليبية التي أُقيمت في المنطقة، وقد اكتسبت منذ تأسيسها دورًا استراتيجيًا بارزًا باعتبارها حصنًا دفاعيًا يشرف على طرق التجارة والحج، الأمر الذي جعلها معلمًا تاريخيًا فريدًا يجذب أنظار المؤرخين والباحثين من مختلف أنحاء العالم.

تُجسد القلعة في تصميمها قوة الوجود الصليبي في المشرق، حيث بُنيت بأسلوب معماري متين يعتمد على الجدران السميكة والأبراج الدفاعية، وهو ما يعكس تأثيرات العمارة الأوروبية التي حملها الفرسان معهم إلى الشرق، كما تظهر في بعض تفاصيلها المعمارية لمسات محلية تتناسب مع طبيعة المنطقة، لتشكل مزيجًا حضاريًا يجمع بين الغرب والشرق.

أُدرجت قلعة مونتريال ضمن القائمة الإرشادية لليونسكو لما تحمله من قيمة تاريخية استثنائية باعتبارها شاهدًا على مرحلة حاسمة من تاريخ الحروب الصليبية، وقد ساعد هذا التصنيف في تعزيز مكانتها كتراث عالمي، وزاد من أهميتها كمقصد سياحي يجذب السياح والمهتمين بالآثار الذين يأتون لاكتشاف أسرارها والاطلاع على تاريخها.

قلعة مونتريال | Archiqoo

تكشف الحفريات المستمرة في القلعة عن بقايا أسوار وأبراج دفاعية متينة، إضافة إلى أدوات عسكرية استخدمها الصليبيون في معاركهم، كما عُثر على نقوش حجرية وأدوات معدنية تبرز تفاصيل الحياة اليومية داخل القلعة، وهو ما يُظهر تنظيمًا دقيقًا للحياة العسكرية، ويعكس في الوقت نفسه براعة المهندسين الذين عملوا على تشييدها.

تُمثل القلعة نقطة التقاء حضاري بين الشرق والغرب، إذ امتزجت فيها التأثيرات الصليبية القادمة من أوروبا مع الطابع المحلي الأردني، وقد أسفر هذا التفاعل عن معمار فريد يروي قصصًا عن التحصينات العسكرية والصراعات التي شهدتها المنطقة خلال القرون الوسطى، وهو ما يمنحها بعدًا ثقافيًا يتجاوز كونها مجرد حصن عسكري.

تواجه القلعة اليوم تحديات بيئية متعددة، أبرزها تأثير الرياح والتعرية على أحجارها، إضافة إلى العوامل المناخية القاسية التي تُسهم في تآكل بنيتها، وهو ما يجعل أعمال الصيانة والترميم ضرورة مستمرة تتطلب خبرات متخصصة وجهودًا كبيرة للحفاظ على هذا الصرح التاريخي من الاندثار.

تعمل الأردن على تطوير الموقع وتعزيز مكانته السياحية، حيث تخطط لتحسين المرافق المحيطة به لجعله وجهة ثقافية وسياحية بارزة، ويُسهم ذلك في دعم السياحة في محافظة معان، كما يُمثل القلعة رمزًا للتراث الأردني العريق ودليلًا على عراقة المنطقة وتاريخها المتنوع.

تستمر الأبحاث الأثرية للكشف عن المزيد من أسرار القلعة، إذ تُجرى الحفريات بعناية لتجنب إتلاف البقايا، ومن المتوقع أن تُسفر هذه الجهود عن اكتشافات جديدة تُضيف معرفة تاريخية قيمة، وهو ما يجعل قلعة مونتريال شاهدًا خالدًا على عبقرية العمارة الصليبية، ورمزًا للتنوع الحضاري الذي مر عبر الأردن.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار