الأربعاء 1447/04/16هـ (08-10-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » مصر » مرئي » الآثار » هرم سيلا في الفيوم يكشف تطور العمارة الفرعونية المبكرة

هرم سيلا في الفيوم يكشف تطور العمارة الفرعونية المبكرة

 

يبرز هرم سيلا كأحد المعالم البارزة في محافظة الفيوم حيث ارتبط اسمه بالفرعون سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة الذي عُرف بمشروعاته الطموحة في تشييد الأهرامات، وقد شكّل هذا الهرم إنجازًا معماريًا استثنائيًا يعكس بدايات تطور تقنيات البناء التي ميزت الحضارة المصرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهو ما جعله من أبرز الشواهد الأثرية التي تسرد قصة التطور المعماري الفرعوني.

يعود تاريخ هرم سيلا إلى مرحلة مبكرة من محاولات سنفرو لبناء أهرامات كبرى حيث اعتمد في تشييده على الحجارة الجيرية المحلية التي استُخدمت بمهارة عالية، وقد كشفت الدراسات الأثرية عن بقايا تدل على براعة المهندسين في توظيف الموارد المتاحة بدقة، مما ساعد على وضع اللبنات الأولى لفنون العمارة التي بلغت ذروتها لاحقًا في أهرامات الجيزة الشهيرة.

أُدرج هرم سيلا ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو بالفيوم وهو ما يؤكد قيمته العالمية ويعزز مكانته كموقع ثقافي وتاريخي يتجاوز حدود مصر، إذ يجذب الموقع اهتمام الباحثين في علم الآثار والمؤرخين من مختلف أنحاء العالم الذين يرون فيه فرصة نادرة لدراسة مراحل التطور المبكرة في بناء الأهرامات.

هرم سيلا في الفيوم.. تاريخ غامض لأثر عمره 4500 سنة - الوطن

ارتبط الهرم بالجانب الرمزي في الحضارة المصرية حيث اعتُبر تجسيدًا للطموح الفرعوني في تحقيق الخلود وإبراز السلطة الملكية، وقد دلّت الاكتشافات الأثرية المحيطة به على وجود بقايا لمعابد ومبانٍ ملحقة تشير إلى ممارسة طقوس دينية معقدة، وهو ما يعكس أهمية الهرم كمركز روحي لا يقتصر على البعد المعماري فحسب بل يشمل أبعادًا دينية وثقافية عميقة.

واجه الموقع خلال العقود الأخيرة تحديات عديدة تتعلق بالحفاظ عليه نتيجة العوامل البيئية التي تؤثر على استقرار بنيته الحجرية، إذ تسعى الجهات المختصة في مصر إلى مواجهة هذه التحديات عبر جهود الترميم والصيانة المستمرة التي تهدف إلى حماية الموقع وضمان بقائه شاهدًا حيًا على التاريخ.

تعمل مصر أيضًا على تطوير البنية التحتية المحيطة بالهرم لتعزيز مكانته كوجهة سياحية مهمة في الفيوم ضمن خطط دعم السياحة الثقافية، حيث يجري إعداد مشروعات تستهدف تسهيل وصول الزوار وتوفير خدمات تساعدهم على استكشاف المكان والتعرف على تفاصيله، وهو ما يفتح المجال أمام تنشيط الحركة السياحية وزيادة الوعي بأهمية الموقع.

يمثل هرم سيلا رابطًا حيويًا بين الماضي والحاضر إذ يلهم الزائرين بضخامة العمارة الفرعونية ويمنحهم فرصة للتأمل في إنجازات حضارة ما زالت آثارها حية رغم مرور آلاف السنين، كما يسهم في تعزيز الهوية الثقافية لمحافظة الفيوم ويجسد جزءًا أصيلًا من التراث الوطني المصري الذي يروي للعالم قصة إبداع الإنسان في العصور القديمة.

تستمر الأبحاث الأثرية حول الهرم على أمل الكشف عن المزيد من أسراره إذ تُجرى الحفريات بعناية فائقة للحفاظ على ما تبقى من بنيته وتوثيق المكتشفات المرتبطة به، ومن المتوقع أن تضيف هذه الجهود معرفة جديدة تثري الدراسات الخاصة بتاريخ الأهرامات وتعمّق فهمنا للتجربة الهندسية الفريدة التي خلدت اسم المصريين القدماء، ليبقى هرم سيلا شاهدًا على عظمة الحضارة الفرعونية التي لا تزال تلهم العالم حتى اليوم.

المصدر: ويكيبيديا

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار