يقع موقع كنيسة حنانيا الأثرية في حي باب توما داخل دمشق القديمة، حيث يشكل واحداً من أبرز الشواهد على تاريخ المسيحية المبكر في المنطقة، ويُعرف أيضاً باسم بيت حنانيا، إذ يتكون من مبنى تحت الأرض يعكس طبيعة ممارسة الطقوس في فترات الاضطهاد.
يرتبط المكان بقصة بولص الرسول الذي تعمد على يد حنانيا وفق الرواية الدينية، ويُعد هذا الحدث نقطة تحول في تاريخ المسيحية، ما جعل الكنيسة موقعاً مقدساً يحظى باهتمام واسع لدى المسيحيين حول العالم، ويبرز مكانتها كرمز روحي فريد.
تشير الحفريات التي أجريت في الموقع إلى وجود بقايا لكنيسة بيزنطية تعود للقرن الخامس الميلادي، كما عُثر على دلائل تؤكد أن جذور الكنيسة ترجع إلى القرنين الأول أو الثاني الميلادي، الأمر الذي يبرز أهميتها التاريخية كأقدم شاهد حي على بدايات المسيحية في دمشق.
جرى إدراج الكنيسة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1979، باعتبارها جزءاً من موقع مدينة دمشق القديمة، وهو ما يؤكد قيمتها العالمية ويعكس دورها في إثراء الهوية الثقافية والدينية للمدينة، كما يمنحها بعداً إنسانياً يتجاوز الحدود المحلية.
يعتمد تصميم الكنيسة على بساطة معمارية تحت الأرض، في دلالة على طبيعة ممارسة الطقوس سراً في بدايات المسيحية، إذ كانت تمثل ملاذاً آمناً للمؤمنين في فترات الاضطهاد، ويجسد هذا النمط المعماري روح الصمود الديني المبكر في وجه التحديات.
يعطي الموقع لمحة واضحة عن أساليب الحياة المسيحية الأولى، من خلال بقايا طقوس دينية وآثار معمارية، ما يجعله مادة غنية للباحثين وعلماء الآثار، الذين يجدون فيه دليلاً نادراً على التفاعل الثقافي والديني الذي شهدته دمشق في تلك الحقبة.
تحيط بالكنيسة أجواء حي باب توما التاريخي، وهو أحد أحياء دمشق العريقة التي تحتضن إرثاً متنوعاً، ما يجعل الكنيسة جزءاً من نسيج المدينة التاريخي، ومقصداً للسياح والزوار الباحثين عن تجربة روحية وثقافية في آن واحد.
تظل كنيسة حنانيا شاهداً على قوة الإيمان وبداية التحول الديني في المنطقة، وتحمل بين جدرانها قصة عميقة أثرت على مسار التاريخ المسيحي، كما تبقى رمزاً يلهم الأجيال بضرورة الحفاظ على الإرث الديني والثقافي الذي يمثل مكوناً أساسياً لهوية دمشق القديمة.