الخميس 1447/03/26هـ (18-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » قرية قرزيم تكشف عراقة التراث الصحراوي وتاريخ وادي الساورة الجزائري

قرية قرزيم تكشف عراقة التراث الصحراوي وتاريخ وادي الساورة الجزائري

تتميز قرية قرزيم بموقعها الفريد على ضفاف وادي الساورة في ولاية بشار، إذ شكلت المياه الجارية مصدراً للحياة حولها، وحولت القرية إلى واحة خصبة نابضة بالحيوية في قلب الصحراء، مما جعلها على مر القرون مركزاً حيوياً للقبائل ومكاناً للاستقرار البشري رغم قسوة الطبيعة المحيطة.

تشكل القرية جزءاً أصيلاً من الإرث الثقافي العريق الذي تزخر به المنطقة الصحراوية، فقد بنيت منازلها من الطين بتصاميم بسيطة لكنها ذكية تعكس قدرة السكان على التكيف مع الظروف القاسية، حيث حافظت هذه العمارة التقليدية على برودة البيوت في عزّ حرارة الصيف، ما يعكس براعة الإنسان في مواجهة التحديات البيئية.

احتضنت قرزيم عبر تاريخها الطويل معالم بارزة جسدت دورها كمركز تجاري وثقافي مهم، إذ كانت محطة رئيسية للقوافل التي عبرت الصحراء منذ العصور الوسطى، وقد شهدت أزقتها تبادل السلع والأفكار بين التجار، فيما تناقل كبار السن قصصاً متوارثة عن مكانتها كمفترق طرق يربط بين مناطق عدة في شمال أفريقيا.

أدرجت قرية قرزيم ضمن القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، باعتبارها جزءاً من موقع “واحات الفقارات والقصور في العرق الغربي الكبير”، وهو اعتراف دولي يبرز قيمتها الثقافية والتاريخية، ويمنحها مكانة عالمية تستحقها، كما يعزز الاهتمام بتراثها العريق الذي يجمع بين العمارة التقليدية والتاريخ الإنساني.

تجذب القرية اليوم زواراً يبحثون عن تجربة أصيلة وسط الصحراء، حيث يستمتعون بالتجول في الأزقة الضيقة ومشاهدة المنازل الطينية التي تحافظ على طابعها التقليدي، كما يكتشفون تفاصيل الحياة اليومية لسكان الواحة التي لا تزال تحتفظ بعاداتها وتقاليدها، ما يجعل الرحلة إليها فرصة للغوص في عالم متفرد يجمع الماضي بالحاضر.

تواجه قرزيم تحديات كبيرة في الحفاظ على تراثها، إذ تتعرض مبانيها الطينية للتآكل نتيجة العوامل الطبيعية مثل الرياح والأمطار النادرة، إلى جانب ضغوط التحديث التي تهدد أصالتها، وتسعى السلطات المحلية بالتعاون مع أبناء المنطقة إلى وضع خطط للترميم والصيانة لضمان بقاء القرية محافظة على هويتها التاريخية.

تلعب الفعاليات الثقافية دوراً بارزاً في دعم مكانة القرية، حيث يقام مهرجان محلي سنوياً يحتفي بالموسيقى والرقصات التقليدية التي تعكس تراث المنطقة، وتساهم هذه الأنشطة في جذب السياح ودعم الاقتصاد المحلي، فضلاً عن ترسيخ روح المجتمع وتعزيز الوعي بأهمية حماية الموروث الثقافي.

تظل قرية قرزيم رمزاً للصمود والتأقلم في قلب الصحراء الجزائرية، فهي تجمع بين جمال الطبيعة وسحر التراث، وتواصل إلهام الباحثين والسياح بما تحمله من قصص تاريخية وأبعاد حضارية، لتؤكد مكانتها كجوهرة ثقافية وإنسانية تستحق أن تبقى حاضرة في الذاكرة الوطنية والعالمية.

المصدر: اليونسكو

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار