استعادة آثار اليمن: عودة رأس حميري نادر من بريطانيا إلى حضن الوطن

في خطوة هامة ضمن الجهود الوطنية للحفاظ على الإرث الثقافي، تم اليوم استعادة قطعة أثرية يمنية نادرة وتاريخية، لتعود إلى موطنها الأصلي بعد عقود من الزمن قضتها خارج البلاد. هذه القطعة، التي تجسد جزءاً من تاريخ اليمن العريق، تمثل بارقة أمل في مساعي استعادة آثار اليمن المفقودة والمنهوبة.
تفاصيل القطعة الأثرية المستعادة وتاريخها
القطعة الأثرية التي تم استلامها رسمياً هي عبارة عن رأس حميري مصنوع من المرمر، يعود تاريخها إلى مملكة قتبان العريقة، ويُقدر بأنها صُنعت حوالي 100 سنة قبل الميلاد. هذا الأثر الثمين، القادم من مدينة شبوة القديمة، ليس مجرد حجر منحوت، بل هو شاهد على عظمة الحضارة الحميرية التي لعبت دوراً محورياً في تاريخ شبه الجزيرة العربية.
رحلة القطعة من بيحان إلى بريطانيا ثم العودة
تعود قصة وجود هذه القطعة خارج اليمن إلى فترة الاستعمار البريطاني. فبحسب المراسلات الواردة من السيد “هيفن جريفتس”، المقيم حالياً في أستراليا، فإن والده الدكتور “جاريث جريفتس”، الذي كان ضابطاً في القوات الجوية البريطانية بإمارة بيحان، حصل على هذه القطعة كهدية تقديرية من أحد أقارب حاكم بيحان آنذاك، وذلك بعد أن قدم له الدكتور جريفتس علاجاً لمرض ألمّ به. آلت ملكية القطعة لاحقاً إلى ابنه السيد “هيفن”، ومن ثم إلى حفيده السيد “كريج جريفتس”.
مبادرة كريمة لإعادة الإرث الوطني
استجابة للمناشدات المتكررة التي أطلقتها السفارة اليمنية بشأن الآثار اليمنية المهاجرة، بادر السيد “هيفن جريفتس” بالتواصل مع السفارة اليمنية في المملكة المتحدة، مبدياً استعداده الكامل لإعادة القطعة الأثرية وتسليمها للجهات اليمنية المختصة. وقد قام نجله السيد “كريج جريفتس” بتسليم القطعة رسمياً خلال لقاء جمعه بسعادة سفير بلادنا لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين سعيد نعمان.
جهود دبلوماسية وثقافية مشكورة
أعربت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية عن تثمينها لهذه المبادرة الإيجابية، موجهةً الشكر والامتنان العميقين للسيد “جريفتس” وعائلته على محافظتهم على هذه القطعة الثمينة وجهودهم المخلصة في إعادتها. وأكدت الوزارة أن هذا الفعل يعكس إحساساً عميقاً بالمسؤولية التاريخية واحتراماً للملكية الثقافية المشروعة، وهو مثال يُحتذى به عالمياً.
كما أشادت الوزارة بالجهود الحثيثة التي بذلتها السفارة اليمنية في لندن، بقيادة السفير الدكتور ياسين سعيد نعمان وطاقم السفارة، في متابعة عملية الاستلام والتنسيق لعودة هذه القطعة الهامة من تراث اليمن.
أهمية استعادة القطعة الأثرية لليمن
تُعد عملية استعادة آثار اليمن هذه لحظة فارقة، فهي ليست مجرد إضافة قطعة إلى المتاحف الوطنية، بل هي:
- تأكيد للهوية: تمثل جزءاً أصيلاً من الإرث الحضاري والهوية الوطنية للشعب اليمني.
- مصدر إلهام: ستكون مصدر إلهام للأجيال القادمة للتعرف على تاريخ أجدادهم.
- دعم للبحث العلمي: ستعين الباحثين والمؤرخين على استكشاف وفهم التاريخ اليمني المجيد بشكل أعمق.
- خطوة في مسار الاسترداد: تمثل خطوة إضافية ودفعة قوية في المسار الطويل لحماية التراث الوطني والعمل المستمر على استعادة الآثار المنهوبة والمهربة خارج البلاد.
إن عودة هذا الرأس الحميري المصنوع من المرمر إلى أرض اليمن هو انتصار للثقافة والتاريخ، ودليل على أن الجهود المخلصة يمكن أن تعيد للوطن كنوزه المسلوبة.