تحتضن حلب جامع الشعيبية كأحد أقدم المساجد في المدينة والمشرق العربي، وقد بُني عام 637م في موقع قوس النصر الروماني، ويُعرف الجامع أيضًا بأسماء العمري والأتراس والتوتة، ما يعكس تاريخًا غنيًا وتنوعًا ثقافيًا، ويجسد إرث الفتوحات الإسلامية المبكرة، كما تُظهر زخارفه وبنيته التصميمية براعة الفن الإسلامي وعمق العمارة الدينية في تلك الحقبة.
أُدرج جامع الشعيبية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1986، وهو جزء مهم من مدينة حلب القديمة، ويُبرز هذا التسجيل قيمته الثقافية العالمية، ويُشكل الموقع مركزًا روحيًا واجتماعيًا يجذب المصلين والزوار المهتمين بالتاريخ، كما يعزز الانتماء الثقافي للمجتمع المحلي ويُعتبر نقطة محورية لفهم تطور الحياة الدينية والمعمارية في المدينة عبر العصور.
خضع الجامع لعدة ترميمات خلال القرون العاشر والثاني عشر والخامس عشر، ما حافظ على تصميمه الأصلي المميز وأعاد إبراز زخارفه الفنية، وتُمثل هذه الجهود مثالًا على الحرص المستمر للحفاظ على التراث، كما تشجع المشاريع المعاصرة على توثيق تفاصيله المعمارية وإعادة إحياء عناصره التاريخية، ما يجعل الجامع نموذجًا للصمود الثقافي عبر الزمن رغم الظروف الصعبة التي مرت بها المدينة.
تواجه الشعيبية تحديات بسبب الأضرار الناتجة عن النزاعات الأخيرة، وقد بُذلت جهود مكثفة لإعادة ترميم الموقع وحمايته، إذ تُركز الجهات المعنية على إصلاح الجدران والزخارف التاريخية، وتوثيق كل التفاصيل المعمارية، ويُمثل الجامع رمزًا للوحدة الروحية والتاريخية لحلب، كما يروي قصص الفتوحات والتطور الإسلامي ويظل شاهدًا حيًا على قوة التراث وأهميته في تعزيز الهوية الثقافية.
تلهم زيارة جامع الشعيبية الأجيال لاستكشاف تراثهم الإسلامي، وتشجع الشباب على دراسة تاريخ حلب وفهم ماضي المدينة العريق، ويُشكل الجامع جسرًا يربط الماضي بالحاضر، إذ يُبرز إبداع العمارة الإسلامية المبكرة ويُوفر تجربة دينية وثقافية عميقة للزوار، كما تبرز جهود الحفاظ على المسجد أهمية التراث العالمي وتسهم في نشر الوعي الثقافي، ويظل جامع الشعيبية شاهدًا حيًا على عظمة المدينة وإرثها التاريخي المستمر.
المصدر: مصراوي