السبت 1447/03/14هـ (06-09-2025م)
الرئيسية » جولة في التراث » الجزائر » مرئي » المعالم التاريخية » محمية طاسيلي ناجر تعكس كنوز التراث الطبيعي والإنساني في الجزائر

محمية طاسيلي ناجر تعكس كنوز التراث الطبيعي والإنساني في الجزائر

تشكل محمية طاسيلي ناجر الطبيعية واحدة من أبرز الكنوز البيئية والثقافية في الجزائر، إذ تقع في قلب الصحراء الكبرى بالجنوب الشرقي للبلاد، وتضم سلسلة جبلية تمتد لمساحات واسعة تتميز بثراء طبيعي وجيولوجي فريد.

اكتسبت هذه المنطقة شهرتها العالمية بفضل لوحاتها الصخرية والكهفية النادرة التي تُعد من الأهم في العالم، إضافة إلى مناظرها الطبيعية المدهشة التي تجذب الباحثين والمهتمين بالتراث والبيئة على حد سواء.

تشهد التكوينات الصخرية في طاسيلي ناجر على تاريخ طويل من التحولات الجيولوجية والمناخية، حيث تضم صخورًا بلورية تعود إلى ما قبل العصر الكمبري، كما تحتوي على طبقات من الأحجار الرملية الرسوبية التي تحمل دلائل بالغة الأهمية لفهم تطور العناصر البيئية والجغرافية في الأزمنة القديمة، هذا التنوع الجيولوجي جعل المنطقة بمثابة متحف طبيعي مفتوح يساعد العلماء على دراسة تاريخ الأرض وتغير المناخ عبر العصور.

وتتميز طاسيلي ناجر بكونها هضبة ذات طبيعة جافة، إلا أن بعض مناطقها تحتفظ بملامح مناخ شبه قاحل يسمح بوجود تنوع نباتي وحيواني استثنائي، إذ تنتشر فيها أشجار السرو الصحراوي النادرة، إضافة إلى الزيتون البري ونبات الآس الذي يعكس قدرة الحياة على الصمود وسط بيئة صحراوية قاسية، هذا التنوع جعل المحمية موطنًا طبيعيًا لعدد من الكائنات التي تكيفت مع الظروف الصعبة، مما يعزز قيمتها كتراث بيئي عالمي.

طاسيلي ناجر - ويكيبيديا

وتحمل المنطقة أيضًا بعدًا ثقافيًا بارزًا، إذ تحتوي جدران الكهوف والهضاب على آلاف الرسوم والنقوش التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، لتروي قصصًا عن حياة الإنسان القديم في هذه المنطقة، من نشاطات الصيد وتربية الحيوانات إلى الطقوس والممارسات الاجتماعية، هذه الكنوز الفنية تجعل طاسيلي ناجر بمثابة مكتبة بصرية مفتوحة تقدم للباحثين صورة متكاملة عن التفاعل بين الإنسان والبيئة منذ آلاف السنين.

وحظيت المحمية باعتراف عالمي كبير، حيث أدرجتها منظمة اليونسكو عام 1982 ضمن قائمة التراث العالمي نظرًا لقيمتها الاستثنائية على المستويين الطبيعي والثقافي، كما صُنفت في شبكة اليونسكو لمحميات المحيط الحيوي عام 1986، لتصبح إحدى أهم المواقع التي تجمع بين التراث البيئي والإنساني في آن واحد، هذا الإدراج عزز من مكانتها كوجهة علمية وسياحية، وفتح المجال أمام جهود أكبر لحمايتها وصونها من المخاطر البيئية والتحديات الطبيعية.

وتُعد طاسيلي ناجر اليوم أكثر من مجرد محمية طبيعية، فهي بمثابة شاهد حي على التاريخ الجيولوجي والإنساني للصحراء الكبرى، ومصدر إلهام للعلماء والفنانين والمهتمين بالتراث، إذ تجسد علاقة الإنسان بالطبيعة في أبهى صورها، كما أنها تذكر العالم بأهمية الحفاظ على هذه الكنوز البيئية والثقافية للأجيال القادمة، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الإنسانية المشتركة.

المصدر: طقس العرب

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار