يبـرز معبد العقبة كواحد من أهم الشواهد الأثرية التي خلفتها الحضارة الرومانية في لبنان، ويقع هذا المعلم التاريخي في قرية العقبة بمحافظة البقاع على مقربة من جبل حرمون، حيث يعود تاريخ إنشائه إلى القرن الثاني الميلادي، ويعد جزءاً من موقع جبل حرمون التراثي الذي أدرج على القائمة الإرشادية المؤقتة لليونسكو، ما يعكس قيمته التاريخية والثقافية الفريدة.
يمتاز المعبد بتصميمه البسيط المعروف باسم أنتاي، وهو أسلوب معماري يبتعد عن الزخارف المعقدة ويركز على البنية العملية، وقد وصف الباحث جورج تايلور هذا النمط بأنه مثال على الوظيفة الواضحة للعمارة الرومانية، إذ تبرز البساطة فيه جمالاً خاصاً ينسجم مع الطبيعة المحيطة بالمنطقة، ويمنح الموقع طابعاً مختلفاً عن كثير من المعابد الأخرى التي اعتمدت على الفخامة والزينة.
يحمل معبد العقبة قيمة ثقافية بارزة، إذ يعكس تأثيرات الحضارة الرومانية التي امتدت إلى لبنان وارتبطت بتاريخ المنطقة الغني والمتنوع، كما يشكل جزءاً من شبكة المواقع الأثرية المنتشرة حول جبل حرمون، وهو ما يظهر مدى التنوع الحضاري الذي مرت به المنطقة على مر العصور، وجعل منها نقطة التقاء للثقافات والإرث التاريخي الممتد.
يساهم إدراج الموقع على القائمة الإرشادية لليونسكو في تسليط الضوء على أهميته وتشجيع الجهود الرامية إلى حمايته وصيانته، حيث يواجه المعبد تحديات تتعلق بالحفاظ على حالته الأثرية في ظل العوامل الطبيعية والبشرية، وتتطلب هذه الجهود تعاوناً بين المؤسسات المحلية والهيئات الدولية لضمان استمرارية الحفاظ عليه كموقع تاريخي بارز.
يجسد معبد العقبة جانباً من الهوية الثقافية للبنان، إذ يربط بين حضارات قديمة وحياة معاصرة، ويظهر التفاعل بين الإنسان وبيئته على مر الأزمنة، حيث لعبت العمارة دوراً في صياغة المشهد الحضاري للمنطقة، وهو ما يجعل من هذا المعبد رمزاً للإرث الثقافي الذي ساهم في تشكيل ملامح التاريخ اللبناني.
تسهم زيارة معبد العقبة في رفع مستوى الوعي بأهمية التراث الوطني، وتشجع على تنمية السياحة الثقافية في منطقة البقاع، كما تعزز من ارتباط الأجيال الجديدة بهويتهم التاريخية، ويظل المعبد قائماً كمعلم معماري يروي قصص الماضي المجيد، ويدعو الزوار إلى استكشاف أسراره والتأمل في ما يحمله من دلالات حضارية متجذرة.
المصدر: ويكيبيديا
